على ركح المسرح الروماني بقرطاج، أحيت شمس الأغنية اللبنانية نجوى كرم مساء السبت 9 أوت الحالي، واحدة من أجمل سهرات الدورة 59 لمهرجان قرطاج الدولي، في حفل حمل كل ملامح الشغف، الحنين، والألق، أمام جمهور غفير تسابق لحجز مقعده حتى غدت الشبابيك مغلقة منذ أيام.
ومع اللحظة الأولى، أطلقت نجوى العنان لصوتها الذهبي بأغنية “عزّك دايم يا قرطاج”، كتحية وفاء لهذا المسرح العريق، قبل أن تتوجه إلى الحاضرين بكلمات نابعة من القلب: “عزك دايم يا قرطاج، أحلى وأهم شيء هي الذكريات.. عنّا حنين وشوق، ولنصنع ذكريات أجمل الليلة”، في لحظة اختزلت علاقة عمرها سنوات بين فنانة وجمهور لم يفقد عنها الشوق.
نجوى، التي طالما اعتبرت الجمهور التونسي من أرقى وأوفى الجماهير العربية، عبّرت مجددًا عن امتنانها الكبير، قائلة: “يكفي أنكم جعلتم أسماءنا تلمع.. أنتم أصحاب الفضل وراء كل ما نحصده من ألقاب ونجاحات”، في تقدير صادق، زاد من توهج الليلة.
على امتداد ساعتين ونصف، نسجت “كرم” سهرة متكاملة، جمعت بين الأغاني الخالدة والأنغام المعاصرة، فأشعلت المسرح بأغنيات من رصيدها الذهبي على غرار “هيدا حكي”، “خليني شوفك بالليل”، “حكم القاضي”، “عاشقة أسمراني”، “حط أصحابك بالغربال”، “خيروني ابن العم”، و”بالروح بالدم”، وسط تفاعل لا يهدأ من جمهور رقص وغنّى وصفّق بحرارة.
وكعادتها، لم تبخل شمس الأغنية على محبيها بوصلات من المواويل والدبكة اللبنانية، حيث تحوّل قرطاج إلى حلقة دبكة ضخمة، فيما ردّد الجمهور الكلمات بحب وحماسة، مؤكدًا عمق العلاقة بين الأغنية اللبنانية والجمهور التونسي.
كما قدّمت باقة من أغاني ألبومها الجديد “حالة طوارئ”، والتي بدت مألوفة لمحبيها، ما يعكس مدى انتشار أعمالها الجديدة رغم حداثتها.
“لا أحد ينسى أجمل أيام حياته”
وإثر الحفل، وخلال ندوة صحفية انتظمت على ركح المسرح الروماني ذاته، لم تُخفِ نجوى سعادتها بنجاح السهرة، قائلة:
“لا أظن أن أحدا ينسى أنجح أيام حياته، وأنا بالنسبة إلي، كل مجيء إلى قرطاج هو جزء كبير من التميز والنجاح. لا يمكن أن أنسى ذلك، لأن النجاح هنا ليس عاديا.. لقد أصبحت هناك قصة كبيرة بيني وبين هذا المسرح الذي يستقبلني باستمرار”.
رسائل محبة إلى نجوم تونس
وفي لفتة تعبّر عن عمق علاقاتها الفنية والإنسانية، وجّهت نجوى كرم تحية للفنان صابر الرباعي، الذي عبّرت عن رغبتها في تقديم ديو غنائي معه، مشيرة إلى “معزة كبيرة تجمعها به منذ سنوات، لما يحمله من احترام وثقافة فنية”.
كما لم تنسَ الفنانة لطيفة التونسية، التي استضافتها وبادرتها بالورود والتمنيات الطيبة، لتصفها نجوى بـ”الأخت العزيزة”، في مشهد آخر من مشاهد الوفاء والاحترام المتبادل بين الفنانين.
وختمت نجوى حديثها بكلمات عبرت فيها عن فخرها بالفنانين التونسيين، قائلة: “أنا أهنئ تونس على أبنائها المطربين الذين يرفعون الرأس أينما كانوا”، واضعة بذلك نقطة مضيئة في سجل العلاقات الفنية العربية.
نجوى وقرطاج… قصة مستمرة
هكذا، أثبتت نجوى كرم مرة أخرى أنّها ليست مجرد فنانة تزور قرطاج، بل هي ضيفة دائمة على القلوب قبل أن تكون على الركح. و بين الذكريات القديمة واللحظات الجديدة، تكتب شمس الأغنية فصولا متجددة من قصة عشق مع هذا المسرح وجمهوره… قصة تُثبت أن الفن الحقيقي لا يشيخ، بل يزداد بريقًا مع كل عودة.
ريم حمزة