افتتحت مؤخرا، في مدينة نفطة من ولاية توزر، الدورة الثامنة من مهرجان الموسيقى الصوفية والروحانية روحانيات نفطة تحت شعار “شوق” لتتواصل حتى السبت 1 نوفمبر بمجموعة من عروض الشارع والأمسيات وسهرات الموسيقى الصوفية والندوات الفكرية.
وعلى غرار الدورات السابقة افتتح المهرجان بالكرنفال التنشيطي للفرق الصوفية المحلية فضلا عن مشاركة فرقة أحمد عبد الصبور من مصر في عرض جاب الشارع الرئيسي وصولا إلى ساحة السوق وسط المدينة العتيقة أين قدم المهرجان كذلك عرضا صوفيا لفرقة القادرية من قفصة تلتها أمسية الفن الصوفي من تأثيث الفنانة علياء السلامي ثم العرض الفرجوي الرئيسي لحضرة رجال تونس بقيادة المنشد توفيق دغمان.
وبحسب ما أوضحه ل”وات” مدير الدورة لزهاري نصر فإن المهرجان يحافظ على خصوصيته ببرمجة أربع فقرات يومية تنطلق بالجانب الفكري يليها الجانب التنشيطي فالعروض الفرجوية وتختتم بحلقات الذكر في مقامات أولياء صالحين بمدينة نفطة التي عرفت بكثرة الطرق الصوفية ومريديها وتستقطب إلى اليوم مريدين من تونس وخارجها في مقدمتهم سيدي أبي علي السني.
وأضاف أن باقي فقرات المهرجان تضم في يومها الثاني المحاضرة العلمية الثانية للدكتور علي بوبكر تليها عرض السطمبالي في ساحة السوق بالمدينة ليؤثث المنشد أحمد جلمام الأمسية الموسيقية في فضاء دار الوادي فعرض دراويش مصر لمجموعة أحمد عبد الصبور في السهرة ويختتم اليوم الثاني بحلقة ذكر في مقام الولي سيدي مرزوق.
ويكون المهرجان في يومه الثالث وفيا لنفس الفقرات بالانطلاق بندوة فكرية صباحا يؤثثها الدكتور عز الدين المدني بمحاضرة بعنوان “مأساة الحلاج” فعرض المنشد دريد ليقدم نماذج من الموسيقى الصوفية المحلية في جهة الجريد في ساحة السوق وعرض الفنان منير الطرودي في دار الوادي فعرض صوفي للفنانة نبيهة كراولي في السهرة ويختتم بحلقة الذكر في مقام الولي سيدي حسن ميعاد.
وبين مدير المهرجان أنه إلى جانب الحركية الثقافية والفكرية التي يتيحها تنظيم المهرجان سنويا لاسيما وأنه يستقطب زوارا من فئات معينة ومن محبي النفس الصوفي، إلا أنه يلعب كذلك دورا اقتصاديا مهما بخلق حركية سياحية وتجارية في مدينة نفطة ليكون الثراء الثقافي للمنطقة موجها في خدمة الحركة الاقتصادية وفق تأكيده.
ويحظى الجانب الفكري بأهمية في برمجة فقرات المهرجان وفق عضو الهيئة والمكلف بالندوات الفكرية لطفي حمدة وذلك وفاء لتقاليد المهرجان إلى جانب الفقرات الفرجوية موضحا أن الندوات الفكرية الثلاث لهذه الدورة تركز على محوري التصوف والعقلانية بمداخلة أولى قدمها الدكتور عمر حفيظ بعنوان “عقلانيات مغدورة” انطلاقا من تجارب أدبية لأبي حيان التوحيدي والمعري.
واهتمت الندوة في اليوم الثاني بالسجال بين الصوفية والمعتزلة بمداخلة تتناول علاقة أبو علي السني باعتباره قطبا من أقطاب التصوف بـأبي يعقوب الطردي الذي عاش في جهة نفزاوة باعتباره رمزا للمعتزلة وأضاف المتحدث ذاته أن المحاضرة الفكرية سعت إلى الربط بين الجغرافيا والتاريخ والسجال الفكري الذي وجد في فترة هذين القطبين.
ليقدم الندوة الفكرية الثالثة الدكتور عز الدين المدني بتناول شخصية الحلاج ويكون الجانب الفكري بذلك وفق عضو المهرجان دعوة للارتقاء بفهم الناشئة والشباب بأن التصوف لا يختزل في الجوانب الطرقية الحركية الفرجوية والانشادي فقط رغم أهميتها، بل كذلك أهمية التصرف كفكر وعقلانية أثرت في الفكر العربي الإسلامي وفي الحضارات الغربية، إذ تستقطب الندوات جمهورا مميزا من الأساتذة والطلبة والباحثين والمفكرين بحسب تأكيده.
وينتظم مهرجان الموسيقى الصوفية والروحية روحانيات بالتزامن مع حركية ثقافية وسياحية تعرفها ولاية توزر بحسب المندوبة الجهوية للشؤون الثقافية رانية العابد مبينة أن مهرجان روحانيات يمثل جزءا مهما من هذه الحركية الثقافية باعتبار أهمية نفطة كعاصمة للروحانيات وتحولها إلى وجهة لجمهور من عدة جهات وحتى من خارج تونس.
وأضافت أن روحانيات هو مهرجان ذو خصوصية يرتبط تنظيمه بالعطلة المدرسية وبافتتاح الموسم السياحي الشتوي ويلعب دورا كبيرا في استقطب السياحة إلى جانب باقي التظاهرات الثقافية التي تنتظم في هذه الفترة.
