يوم دراسي برلماني لمناقشة مقترح قانون الفنان والمهن الفنية: نحو تنظيم القطاع وضمان الحقوق الاجتماعية

احتضنت الأكاديمية البرلمانية بمجلس نواب الشعب، اليوم الاثنين 15 ديسمبر الحالي، يوماً دراسياً خُصّص لمناقشة مقترح القانون عدد 055 لسنة 2023 المتعلق بالفنان والمهن الفنية، بحضور فنانين ومبدعين وممثلين عن هياكل مهنية ونقابية من مشارب فنية متعددة.

ويُعدّ هذا المقترح ثمرة مبادرة تشريعية تقدّم بها أكثر من 130 نائباً خلال ديسمبر 2023، قبل أن تتم إحالته رسمياً على لجنة السياحة والثقافة والخدمات والصناعات التقليدية في 15 فيفري 2024، حيث انطلقت منذ ذلك الحين سلسلة من الاجتماعات وجلسات الاستماع لفحص فصوله ومضامينه.

قانون وُلد من مسار طويل

وفي عرضه لخلفيات النص، أوضح رئيس لجنة السياحة والثقافة، النائب باديس بالحاج علي، أنّ مشروع قانون الفنان لم يكن وليد اللحظة، بل هو حصيلة مسار انطلق منذ سنة 2014 داخل وزارة الشؤون الثقافية، وشمل سنوات من النقاشات وورشات العمل بمشاركة مهنيي القطاع ومختلف الأطراف المتدخلة، إلى أن تبلورت صيغة توافقية تبناها 133 نائباً.

وأشار “بالحاج علي” إلى أنّ الغاية الأساسية من هذا القانون تتمثل في وضع إطار تشريعي ينظم المهن الفنية ويضبط شروط ممارستها، مع إرساء منظومة حماية اجتماعية خاصة بالفنانين، تقوم على مبدأ التضامن الاجتماعي، وتستأنس بتجربة نظام التغطية الاجتماعية للمحامين. كما شدد على أهمية معالجة ملف حقوق التأليف وحقوق المؤلف، لا سيما في ما يتعلق بإعادة بث الأعمال الفنية التي لا تدر حالياً أي عائدات تُذكر على أصحابها.

نقاشات موسّعة ومواقف متباينة

وجاء تنظيم هذا اليوم الدراسي عقب نحو 12 جلسة عمل واستماع عقدتها اللجنة البرلمانية، شملت نواباً من أصحاب المبادرة، وممثلين عن وزارة الشؤون الثقافية، إضافة إلى نقابات مهنية وتعاونيات وخبراء في المجال القانوني.

وأثثت أشغال اليوم مداخلات لعدد من الفاعلين، من بينهم رشاد الشلي عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، ونورهان بوزيان عن النقابة الأساسية لمهن الفنون الدرامية، وجمال العروي عن النقابة الوطنية المستقلة لمحترفي الفنون الدرامية، وماهر الهمامي عن النقابة التونسية للمهن الموسيقية، إلى جانب وسام غرس الله ومراد بالشيخ.

وتراوحت مواقف المتدخلين بين التذكير بالمسار الطويل الذي أفضى إلى هذا المشروع، والتعبير عن دعمهم لمحتواه العام، خاصة في ما يتعلق بضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للفنانين والحد من هشاشة أوضاعهم. في المقابل، طُرحت انتقادات تتعلق بتعريف “الفنان المحترف” وشروط إسناد بطاقة الاحتراف، حيث اعتبر جمال العروي أنّ هذه البطاقة يجب أن تُمنح حصرياً لمن يتخذون من النشاط الفني مورد رزق أساسي، لا لمن يمارسونه بشكل عرضي.

ملامح النص التشريعي

ويتكوّن مقترح القانون من 45 فصلاً موزعة على خمسة أبواب، تنطلق بالأحكام العامة، مروراً بتنظيم ممارسة النشاط الفني وتعريف الفنان المحترف وشروط البطاقة المهنية والعقود الفنية، وصولاً إلى أحكام خاصة بالأجانب والأطفال، ثم فصول تُعنى بالنهوض بالمهن الفنية، وأخرى تضبط المخالفات والعقوبات، قبل أن يُختتم بالأحكام الانتقالية.

ويؤكد النص، وفق وثيقة شرح الأسباب، على ضرورة الاعتراف بالدور الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للفنان، وتمكينه من إطار قانوني يراعي خصوصية العمل الإبداعي ويواكب التحولات التي تشهدها الساحة الفنية.

هواجس الفنانين وأسئلة المستقبل

وخلال النقاش المفتوح، ثمّن أغلب الفنانين التوجه العام للقانون، مع الدعوة إلى إدخال تحسينات عليه قبل عرضه على الجلسة العامة. وبرز الجدل مجدداً حول بطاقة الاحتراف، بين من يرى شروطها فضفاضة، ومن يخشى أن تتحول إلى عائق أمام الموهوبين غير المتخرجين من مؤسسات التكوين الفني.

كما نبه المتدخلون إلى ضرورة ملاءمة هذا القانون مع بقية التشريعات القطاعية غير المحينة، وانتقد بعضهم غياب ممثل عن وزارة الشؤون الثقافية عن أشغال اليوم الدراسي. وطُرحت أيضاً فكرة إحداث عمادة للفنانين تُعنى بالجوانب الإدارية والتنظيمية للمهنة.

وفي السياق ذاته، أشار عدد من المشاركين إلى ضعف حضور قطاع السينما في نص القانون، رغم خصوصيته وتشعب مراحله الإنتاجية، فضلاً عن غياب استشراف واضح لتحديات المستقبل، مثل العمل الفني عن بُعد، والذكاء الاصطناعي، وضرورة رقمنة التراث الموسيقي التونسي لحمايته من السطو والضياع.

Related posts

الفنان لطفي بوشناق يحيي حفلا تضامنيا بقاعة الأوبرا بمدينة الثقافة

ريم حمزة

الفنان القدير لطفي بوشناق يكرّم بدرع فرسان السلام في الأردن

ريم حمزة

شركة MAD Solutions تطلق مبادرتها الجديدة لتمثيل محترفي صناعة السينما العربية خلف الكاميرا

ريم حمزة

Leave a review