القاهرة: ريم حمزة
انتظمت يوم الأحد 16 نوفمبر الحالي، خلال فعاليات الدورة الـ46 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ندوة خُصّصت لتكريم النجم المصري خالد النبوي ضمن برنامج “أيام القاهرة لصناعة السينما”. وجاءت الجلسة تحت عنوان “من نجم شاب إلى أيقونة سينمائية”، واحتضنها المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية، وسط حضور لافت لعدد كبير من نجوم الفن والإعلام وصنّاع السينما.
حضر الندوة عدد من أبرز الشخصيات الفنية والإعلامية، بينهم النجم حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، الإعلامي محمود سعد، السيناريست الدكتور مدحت العدل، الفنان رمزي العدل، المنتج محمد العدل، المخرجة كاملة أبوذكري، والمنتج محمد السعدي، ما يعكس المكانة الاستثنائية التي يحظى بها النبوي داخل الوسط الفني.
تكريم يتجاوز الأضواء: جائزة يهديها النبوي إلى عمّال السينما
استهلّ النبوي الندوة بتوجيه الشكر إلى عمّال السينما الذين يعملون خلف الكواليس، معلنًا إهداء جائزة فاتن حمامة للتميّز لهم تقديرًا لجهودهم. وقال في بداية حديثه:
“هؤلاء هم العمود الفقري لصناعة السينما.. يستحقون الضوء أكثر من أي شخص آخر”.
كان هذا الموقف الإنساني بمثابة مفتاح لروح الندوة التي سيطرت عليها مشاعر الامتنان، واستعادة محطات من مسيرة امتدت لعقود، شكّلت خلالها أعماله حضورًا خاصًا في السينما المصرية والعربية والعالمية.
يوسف شاهين.. ذكريات لا تُنسى
وتوقف النبوي عند ذكريات مميزة جمعته بالمخرج العالمي يوسف شاهين خلال تصوير فيلم “المهاجر”، مستعيدًا تجربة مشهد لم تتجاوز مدته عشر ثوانٍ، لكنه تطلّب جهدًا كبيرًا من فريق العمل. قال بتأثر:“خفت أضيّع تعبهم.. إحساسهم كان بيغيّر إحساسي تجاه كل مشهد”.
وأكد أن العمل مع شاهين كان مدرسة حقيقية، وأن دقة المخرج الكبير وصرامته في توجيه الممثلين جعلته يعيد التفكير في أدواته كل مرة، مضيفًا أن مجرد سماع كلمة “أكشن” منه كان كفيلًا بإشعاره بطبيعة المشهد وبعمقه الإنساني.

الانضباط في التمثيل: “لا يحق للممثل أن يتأخر”
خلال الندوة، شدّد النبوي على أهمية الانضباط في مهنة التمثيل، موضحًا أن الممثل لا يمثل نفسه فحسب، بل يمثل فريقًا كاملًا ينتظر تحضيره واستعداده. وقال:
“ليس مقبولًا أن يتأخر الممثل أو ينسحب بحجج واهية.. هذه مهنة مسؤولية وليست استعراضًا”.
كما أوضح أن قدرة الممثل على الفصل بين مشاعره الشخصية ومشاعر الشخصية التي يؤديها هي شرط أساسي لإتقان المهنة.
البداية لم تكن حلم التمثيل
في فقرة تفاعل معها الجمهور كثيرًا، كشف خالد النبوي عن بداياته، مؤكدًا أن التمثيل لم يكن ضمن خططه من الأساس. وقال إنه كان يدرس في معهد التعاون الزراعي ويبحث عن عمل بسيط يعينه على المعيشة، قبل أن يدخل المسرح بالصدفة ليجد نفسه فجأة في دور البطولة بنص مسرحي حمله معه إلى المنزل.
واعتبر النبوي أن تلك اللحظة كانت أول إحساس حقيقي بموهبته، وهو الإحساس الذي لا يزال يرافقه حتى اليوم.
حسين فهمي.. دعم إنساني لا يُنسى
وتحدث النبوي عن الفنان الكبير حسين فهمي، واصفًا دعمه في بداياته بأنه كان مؤثرًا على الصعيدين الإنساني والمهني، وأنه كان أحد أبرز الأشخاص الذين آمنوا بموهبته وساندوه في سنواته الأولى.
فترات الغياب بين الأعمال: “السبب ليس قلّة الفرص”
وخلال الندوة، كشف النبوي عن سبب الفترات الطويلة التي تفصل بين أعماله، موضحًا أنّ الأمر يعود إلى حرصه الشديد على اختيار أدوار تضيف لمسيرته، وليس إلى غياب الفرص. وقال:”أرفض أعمالًا كثيرة لأنها لا تشبه الطريق اللي ببنيه.. ولسه حاسس إني مقدمتش القدر الكافي اللي يرضيني”.
وأشار إلى أنه يسعى دومًا إلى تقديم أعمال تليق بالجمهور وتظل علامة في تاريخه الفني، مؤكدًا أن كل دور يختاره يجب أن يحمل قيمة فنية وإنسانية.
من “المصير” إلى الأعمال العالمية: مسيرة بتوقيع الجودة
واستعرضت الندوة مجموعة من أعماله التي رسّخت مكانته في السينما، من بينها “المصير” – “المسافر” – “المواطن”، وصولًا إلى أبرز أعماله الدرامية مثل “حديث الصباح والمساء”، وانتهاءً بمشاركاته في الإنتاجات العالمية التي منحته حضورًا مختلفًا على الساحة الدولية.
تكريم يليق برحلة ممتدة ومسيرة لا تزال تتجدد
مثّلت الندوة لحظة اعتراف مستحقة لتجربة فنية وإنسانية نادرة، وبدا واضحًا أن خالد النبوي لا يزال يحمل الشغف نفسه الذي بدأ به رحلته قبل عقود.
رحلة بدأت بـ”صدفة” على خشبة المسرح، وتحولت إلى مشروع فني كبير جعل منه أحد أكثر نجوم جيله تأثيرًا، وأحد الذين يحتفظون بخصوصية لا تُشبه أحدًا.

