الدورة 38 لمهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل بنابل من 21 إلى 28 ديسمبر 2025

يعود مهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل في دورته الثامنة والثلاثين ليؤكّد مكانته كأحد أبرز المواعيد الثقافية المخصّصة للطفل في تونس والمنطقة، وكفضاء يجمع بين الفرجة، التكوين، والتفكير، في مشروع ثقافي متكامل انطلق منذ سنة 1986 وما يزال يتطوّر دورة بعد أخرى.

وتتميّز دورة 2025 بزخمها الفني وتنوّعها الجغرافي، إذ تشهد مشاركة أربع عشرة دولة من أوروبا، آسيا والعالم العربي، ما يجعل من مدينة نابل نقطة تلاقٍ للتجارب المسرحية الموجّهة للطفل. وإلى جانب هذا الحضور الدولي، يحضر المسرح التونسي بقوّة من خلال ثلاثة عشر عرضًا وطنيًا تعكس حيوية المشهد المحلي وتنوّع لغاته الفنية.

وعلى امتداد ثمانية أيّام، يقدّم المهرجان خمسةً وستين عرضًا مسرحيًا، موزّعة على عشر قاعات وفضاءات ثقافية، بين سبعة وخمسين عرضًا داخل القاعات وثمانية عروض في الفضاءات المفتوحة، بما يضمن فرجة متواصلة ومتنوّعة.

وتُعدّ دار الثقافة بنابل القلب النابض لبرمجة المهرجان، حيث تحتضن العروض المسرحية داخل القاعة وفق نسق يومي منتظم. وتشهد الدار أربعة عروض مسرحية يوميًا، موزّعة على فترتين صباحية ومسائية، ومفتوحة أمام جميع فئات الجمهور، ما يجعلها فضاءً حيًّا ومتواصلاً للقاء الطفل والعائلة بالمسرح في إطار فني وتقني محترف.

وبالتوازي مع ذلك، تحتضن دار جيلان الدورة الخامسة من أيام الحكواتي، من خلال عروض حكائية يومية تعيد الاعتبار لفن السرد الشفوي، وتستحضر ذاكرة الحكاية واللّمة العائلية، في تجربة قريبة من وجدان الطفل تجمع بين الخيال، المتعة والقيم الإنسانية.

ولا يظلّ المهرجان حبيس القاعات، بل يخرج إلى الفضاء العام، حيث تتحوّل شوارع نابل يوميًا إلى مسرح مفتوح عبر برمجة تنشيطية جوّالة تضمّ عروضًا احتفالية وشخصيات فنية ولقاءات مباشرة مع الجمهور، في أجواء فرِحة تبلغ ذروتها مع الكرنفال الصغير يوم الاثنين 22 ديسمبر.

وفي تأكيد لرسالته الوطنية، يمتدّ مهرجان نيابوليس خارج مدينة نابل ليشمل ست ولايات وثماني مدن، من بينها عقارب بصفاقس، بنزرت، الشبيكة بالقيروان، باردو بتونس، سليانة، ونابل ومنزل بوزلفة، بما يتيح لآلاف الأطفال في الجهات فرصة النفاذ إلى العروض المسرحية والانخراط في الفعل الثقافي.

ويعزّز المهرجان بعده الأكاديمي والعلمي من خلال تنظيم ندوة فكرية تُقام يوم الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 تحت عنوان «مسرح الطفل وجمهوره في الزمن الرقمي». وتجمع هذه الندوة باحثين وأكاديميين وفنانين من عدّة بلدان لمناقشة تأثير التحوّلات الرقمية على مسرح الطفل، وتجربة التلقّي، وآليات الفرجة في العصر التكنولوجي، في إطار يربط الممارسة الفنية بالتفكير العلمي.

كما يحتلّ التكوين موقعًا أساسيًا في برمجة المهرجان، من خلال تنظيم ثماني عشرة ورشة تمتدّ من 23 إلى 28 ديسمبر، موجّهة للأطفال، الطلبة ومؤطّري الطفولة. وتتنوّع هذه الورشات بين صناعة وتحريك العرائس، خيال الظل، التعبير الجسدي، فن المهرّج، صناعة الفيلم، وصنع الأقنعة، إلى جانب ورشات متقدّمة في التقنيات الرقمية، تحليل العروض، والأداء في عصر الذكاء الاصطناعي، بإشراف مختصّين من تونس وعدّة دول عربية وأجنبية.

ومن المنتظر أن تستقطب هذه الدورة حوالي عشرين ألف متفرّج داخل القاعات، إضافة إلى ما يقارب عشرة آلاف متابع للعروض المفتوحة، وهو ما يعكس العلاقة المتينة التي نسجها مهرجان نيابوليس مع جمهوره على امتداد أكثر من ثلاثة عقود.

وتندرج هذه الدورة ضمن رؤية ثقافية واضحة تجعل من المسرح وسيلة لغرس قيم السلام، نشر الوعي البيئي، ومواكبة التطوّر التكنولوجي، في إطار خطّ تحريري يؤمن بأنّ الطفل متفرّج واعٍ وشريك في الفعل الثقافي، وأنّ مسرح الطفل فضاء للمتعة، المعرفة، وبناء الإنسان.

وبهذه الرؤية المتكاملة، تواصل الدورة الثامنة والثلاثون لمهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل ترسيخ مكانته كمنصّة للإبداع، التكوين، والتفكير، وفضاء جامع يراهن على الفنّ والعلم والتربية لصناعة مستقبل أكثر وعيًا وجمالًا.

Related posts

البرمجة الرسمية للدورة الـ40 لمهرجان القنطاوي بحمام سوسة

معرض “القرآن في عيون الآخرين” يتخطى الحدود التقليدية ليتحوّل إلى دعوة للانفتاح على الثقافات والقيم المشتركة الأخرى

“الروندة 13” لمحمد علي النهدي في عرض خاص ضمن الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية

قبل الأولى

Leave a review