مسلسل "براءة".. لماذا كلّ هذا التشويه لصورة المرأة التونسية؟ - avant-premiere

مسلسل “براءة”.. لماذا كلّ هذا التشويه لصورة المرأة التونسية؟

منذ انطلاق عرض حلقاته الأولى، أثار مسلسل “براءة” الذي أخرجه سامي الفهري والذي يعرض على قناة الحوار التونسي،  ضجّة كبيرة خاصّة بعد طرحه لموضوع تعدّد الزوجات و الزواج العرفي، الذي أغضب معظم التونسيين والتونسيات.

هذا العمل الرمضاني، إضافة إلى طرحه مواضيع محسوم فيها، تضمّن أيضا تشويها واضحا لصورة المرأة التونسية حيث برزت كامرأة ضعيفة وخاضعة لزوجها و يجب أن تقبل حتى بالمخالف للقانون لأنّه ليس بيدها حيلة وبيّن أيضا تعافي امرأة من مرض نفساني بواسطة الشعوذة و كذلك المرأة التي تقبل بضرب زوجها لها بتعلّة “هنّي على روحك” …

أحقّا هذه هي الصورة التي يجب أن تظهر بها المرأة التونسية في أعمالنا الدراميّة؟ المرأة التي حقّقت نجاحات و مكتسبات تحلم نظيرتها العربية بأن تحقّق جزء منها؟

لقد حظيت المرأة التونسية منذ الاستقلال بقدر من الحقوق ميزها عن مثيلاتها في بلدان عربية أخرى، وقد كان إعلان الحبيب بورقيبة منع تعدد الزوجات الإعلان الجريء عن خطوة أكثر جرأة حيث كان توقيعه على مجلة الأحوال الشخصية منعرج التحول التاريخي أو القفزة الهائلة نحو الأمام في ميدان الحقوق والحريات عامة والمسألة النسوية خاصة بشكل فعلي عيني وملموس…

لقد تميّزت النساء التونسيات وحققن الكثير من النجاحات في العديد من المجالات… فألا تستحقّ أن تبرز المرأة التونسية في أفضل صورة؟

نعلم جيّدا أنّ المواضيع المطروحة في مسلسل “براءة” تدخل في سياق الدراما لكن نتمنى أن تغيّر لنا الحلقات القادمة هذا المسار وتصحّح الصورة التي ظهرت بها المرأة في الحلقات الأولى…

وفي ما يتعلّق بموضوع الزواج العرفي وتعدّد الزوجات، الذي طرحه  المسلسل، فقد ندّدت به أيضا العديد من الجهات من بينها الحزب الدستوري الحرّ و المرصد الوطني الدفاع عن مدنية الدولة، كما أشارت رئيسة اتحاد المرأة التونسية راضية الجربي إلى أن رئيس الجمهورية عبر خلال لقائها به عن رفضه لمسألة الزواج العرفي في تونس، وأنه لا مجال للمساس بحقوق المرأة و بمجلة الأحوال الشخصية، وأن الشعب التونسي لن يقبل بمثل هذه الممارسات.

واعتبرت راضية الجربي التطرق للزواج العرفي في عمل فني، هو عملية تمييع وتبسيط و تهيئة الناس لقبول مثل هذه الظواهر التي ناضلت من أجل القضاء عليها وعلى تعدد الزوجات النساء لسنوات.

بيان صادر عن الحزب الدستوري الحر

من جهته، أصدر الحزب الدستوري الحر بيانا إثر تناول مسلسل “براءة” لموضوع تعدد الزوجات والزواج العرفي.

وذكّر الحزب بأن “تعدد الزوجات والزواج العرفي في تونس تعتبر جرائم طبق مجلة الأحوال الشخصية التونسية يعاقب مرتكبوها بالسجن وبطلان الزواج”، مؤكدا أن “هذه المواضيع تم حسمها منذ سنة 1956 ويدخل منع هذه الممارسات ضمن الحقوق المكتسبة للمرأة التونسية ولا مجال للتراجع عنها أو طرحها للنقاش مجددا”.

و أوضح أن “المسلسل وضع إصبعه على ظواهر أصبح لها وجود داخل المجتمع منذ تولي الإخوان الحكم في تونس بعد 2011″، محمّلا “الدولة المسؤولية القانونية والسياسية عن السماح بتغلغل الأخطبوط الجمعياتي الاخواني الذي يرتع في البلاد لدمغجة الشباب والنساء واقناعهم بالتراجع عن مجلة الأحوال الشخصية وتقويض النموذج المجتمعي التونسي بإثارة تعلات واهية”، مستنكرا ما اعتبره “تخاذل السلطة طوال العشرية السوداء الماضية في ردع التجاوزات التي استفحلت في هذا المجال وأصبحت تهدد التركيبة المجتمعية التونسية”.

واعتبر الدستوري الحر أن “المشاهد المعروضة بالمسلسل تمثل صفارة إنذار للمرأة التونسية لتنتبه لما ينتظرها من إهانة في صورة استئثار قوى الظلام بمواقع القرار ويحذرها من الاستهزاء بما يقوم به الإخوان داخل المجتمع من تحريض قصد النيل من حقوقها بتزكية من السلطة التي ترفض غلق أوكار تفريخ هذه الأفكار الهدامة” داعيا إياها “إلى اليقظة والتجند لحماية مكاسبها وحفظ كرامتها ومنع الرجوع بها إلى مربع الإذلال الذي خلصها منه الزعيم الحبيب بورقيبة منذ الأشهر الأولى للاستقلال”، مجدّدا “التزامه بمواصلة الذود عن مجلة الأحوال الشخصية والوقوف في وجه كل محاولات المساس بأحكامها لتبقى المرأة التونسية معززة مكرمة وشامخة على الدوام وتبقى الأسرة التونسية موحدة ومتوازنة”.

منير الشرفي: مسلسل “براءة” يسعى للتطبيع مع مبادئ خطيرة جدا على المجتمع التونسي

كما اعتبر رئيس المرصد الوطني الدفاع عن مدنية الدولة، منير الشرفي، في تدوينة على صفحته الرسمية على فايسبوك، أن مسلسل “براءة” الذي يسعى للتطبيع مع مبادئ خطيرة جدا على المجتمع التونسي حسب تقديره.

وأوضح الشرفي أن من بين هذه المبادئ اعتبار أن “الدين هو الرابط الوحيد في العلاقات الاجتماعية والأسرية حسب التوجّه الإخواني والداعشي وتعافي امرأة من مرض نفساني بواسطة الشعوذة بعد عجز الأطباء عن معالجتها إضافة إلى تبرير الزواج العرفي باعتباره مقبولا دينيّا ودعوة مسلسل “براءة” صراحة لمخالفة القوانين التونسية وخاصّة مجلة الأحوال الشخصية”.

“الهايكا” عن مسلسل “براءة”: ”لا يجب المبالغة وتحويل بعض المواضيع محظورة لا يمكن الحديث عنها”

أمّا بالنسبة للهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، فقال عضوها هشام السنوسي، في تصريح إذاعي إنه لا يجب المبالغة وتحويل بعض المواضيع التي تطرحها المضامين الإعلامية خلال شهر رمضان لمواضيع محظورة لا يمكن الحديث عنها، تعقيبا منه على الدعوات لرقابة مضمون مسلسل براءة.

وأضاف أن “الهايكا” لا تتدخل منذ الأيام الأولى من بث هذه المضامين نظرا لوجود تسلسل درامي في المسلسلات، مبينا أنّ الهايكا تتدخل بعد أسبوع من البث إذا وجد ما يطلب التدخل، وفق تعبيره.

وبخصوص ما يطرحه مسلسل “براءة” وموضوع الزواج العرفي، أقر السنوسي أن الزواج العرفي موجود في تونس حتى أنّ الإحصائيات أظهرت وجود حوالي 1700 قضية متعلقة به في المحاكم.

وعلى ذلك، قال السنوسي إن التطرق لهذا الموضوع يدعو لمعالجة هذه الظاهرة.

Related posts

أيام قرطاج لفنون العرائس: هذه قصة العروسة الإسبانية الهدية

الفنان التشكيلي التونسي الطاهر عويدة يُحرز جائزة الأوسكار التقديرية بصقلية

ألبوم غنائي جديد لشهد أحمد حسن بعد أغنيتها “يا ربي دايما خلينا”

root