أزمة المواد الغذائية: فشل الدولة في استقراء الأحداث العالمية .....هدد قوت المواطن - avant-premiere

أزمة المواد الغذائية: فشل الدولة في استقراء الأحداث العالمية …..هدد قوت المواطن

حليمة السويسي – قبل الأولى: تتجول بين أروقة المغازة تمعن النظر للرفوف الخاوية علها تظفر ببعض السكر أو القهوة أو زيت تنظر لتعليمات الإدارة التي تسمح فقط بقارورتين من المشروبات الغازية “حتى القازوز قطعوه حسبنا الله ونعم الوكيل” بهذه العبارة افتتحت هدى (موظفة بإحدى المصحات الخاصة) كلامها معنا لتخبرنا أنها منذ السادسة صباحا تنتظر  أمام أبواب المغازة المغلقة علها تظفر ببعض السكر أو الذهب الأبيض كما سمته لكن طوابير المنتظرين وتدافعهم حال دون ذلك “يوميا أنتظر مع العشرات قبل موعد فتح المغازة بساعتين لكي أتمكن من التزود ببعض المواد الأساسية كالسكر والحليب والزبدة والزيت و غيرها من المواد التي أصبح يصعب التزود بها من المحلات التجارية المجاورة فهي حكرا فقط لحرفائهم المميزين” وتعتبر محدثتنا أن أزمة المواد الأساسية هي أزمة مفتعلة ورائها لوبيات تسعى لخراب البلاد.

غير بعيد عنها يتجول سعيد (سائق) محملا بأكياس فيها بعض الخضر والغلال يؤكد كلام هدى قائلا لكي تتحصل على بعض الحليب والسكر والزيت هذه الأيام يجب أن تكون على قرابة بأحد أصحاب المحلات فأنا أتزود من محل صهري الذي يترك لي دائما حاجتي من هذه المواد، فإن وجدتها متاحة في المغازات أشتريها وإن لم أجدها تتكفل زوجتي بالمهمة من محل والديها، ويعتبر أن هذه الأزمة هي نتيجة طبيعية للأزمة العالمية والحرب الدائرة بين روسيا وأكرونيا وبالتالي حتى ارتفاع الأسعار أمر طبيعي جدا وقد نضطر إلي الاستغناء عن بعض المواد كليا أو لشرائها بضعف سعرها الحقيقي.

 

تصريحات هدى وسعيد يؤكدها لنا صاحب أحد المحلات التجارية الصغيرة و الذي وصلنا له بعد جولة لأكثر من عشر محلات أكد أصحابها عدم توفر الزيت والسكر، وافق هو على بيعينا كلو غرام واحد من السكر وبالاستفسار عن سبب بيعه لكيلو غرام واحد أكد أن الشركة التي تزويده بالسكر قلصت الكمية المخصصة له إلى النصف لذلك هو مجبر أن يبيع بكميات قليلة كي يتمكن من توفيرها لأكثر عدد ممكن من الحرفاء، وعن ارتفاع أسعارها يؤكد أن الأسعار المحددة من الدولة لم ترتفع إنما المحتكرين والمضاربين هم من يتحكمون في السوق حاليا وبالتالي فهم يبيعون بأسعار أكثر من الأسعار المحددة والمواطن يجد نفسه مجبرا على الشراء.

عبد الرحمان الهذيلي رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يعتبر أزمة النقص في المواد الغذائية يعود إلى عدم أخذ الدولة إلى الاحتياطات اللازمة المسبقة في ضل التطورات التي يشهدها العالم من حولنا خاصة الحرب الروسية الأكرانية .

أما في ما يتعلق بإرتفاع الأسعار يرجعه الهذيلي إلى توجه الدولة الذي أعلنت عنه منذ فترة رئيسة الحكومة برفع الدعم وهو ما يعتبره غير ممكن، مؤكدا أن المواطن التونسي غير قادر على مجابهة رفع الدعم.

وقال عبد الرحمان الهذيلي في تصريح لجريدة 24/24 “إن المجتمع التونسي منذ الثورة شهد تحولات كبيرة فلم تعد هناك طبقة متوسطة إنما أصبحت أقرب منها للطبقات الفقيرة.. ارتفاع الأسعار يتخذ نسق رهيب في المقابل ليس هناك زيادات في الأجور الموظف العادي لم يعد يقدر على تلبية حاجياته الأساسية الدنيا فما بالك  بالمعطلين والطبقات الفقيرة ”

 

من جهته أكد الخبير وأستاذ الاقتصاد فتحي النوري في تصريح لجريدة 24/24 أن فقدان المواد الإستهلاكية  الضرورية مثل السكر والقمح والمواد النفطية يعود بالأساس لسببين الأول هو عدم قيام الدولة بخطة و قراءة إستباقية للأحداث الموجودة في العالم والتي ساهمت في نقص المواد من الأسواق العالمية وبالتالي فمن الطبيعي أن يرتفع سعرها، فالدولة التونسية خلافا لمعظم الدول لا تملك إستراتجية تخزين لمجابهة الأحداث الطارئة .

أما السبب الثاني فهو تنامي ظاهرة الاحتكار حيث تعمد لوبيات الاحتكار لسحب المواد الأساسية من السوق مما ينجر عنه شحها وارتفاع أسعارها وهنا نتحدث عن أطنان من المواد الأساسية وقع حجزها في مستودعات عشوائية، يرجع النوري أن تغول لوبيات الاحتكار يعود لغياب إجراءات ردعية وعقوبات صارمة للتصدى لهذه الظاهرة ليبقى “اضرب على يد المحتكرين ” مجرد شعارات شعبوية ، وفق قوله.

و فيما يتعلق برفع الدعم أكد الخبير الاقتصادي أن الدعم لا يشمل جميع المواد فالمواد  والأسعار المدعمة من الدولة لا تمثل نسبة كبيرة من قفة المواطن، وعلى المواطن التونسي أن يعي أن الدولة لم تعد قادرة على توفير الدعم لغير مستحقيه هناك طبقات تتمتع بالدعم على حساب الطبقات الهشة في تونس هناك مليون عائلة فقيرة أي ما يقارب 4ملاين تونسي فقير هم فقط من يستحقون فعليا الدعم. وبالتالي على الدولة رفع الدعم لكن مع تعويضه لهذه الفئة عبر تحويلات مباشرة  بزيادة ب 150 أو 200 دينار وهو إجراء معتمد في العديد من الدولة مثل فرنسا.

وينفى فتحي النوري أن يكون رفع الدعم هو إجراء لكسب صندوق النقد الدولي أو لعقوبة للمواطن إنما هو إجراء ضروري كان على الدولة اتخاذه منذ سنوات،” اليوم يجب أن نفهم أننا تحت سيطرة الأسواق العالمية وليس سيطرة صندوق النقد الدولي هناك أيادي خفية وتتحكم في الأسعار ومع غياب الانتاجية الداخلية تصبح الدولة غير قادرة على توفير الدعم”.

وأوضح محدثنا أنه برفع الدعم سيواجه المواطن التونسي الأسعار الحقيقية مما سيجعله مجبرا على تغيير أسلوبه  الاستهلاكي، الأزمة التي نعيشها الآن تعود إلى أنانية المواطن وغياب رؤية اقتصادية لأصحاب القرار الذي انغمسوا في القضايا السياسية وسن القوانين مهمشين الخطط الاقتصادية، فمن حكم البلاد منذ الثورة إلى الآن هم “قانونجية” لا يفقهون شيئا في الاقتصاد يلجئون للحلول البسيطة الحلول التي تضمن الاستقرار الاجتماعي كالزيادات في الأجور وهي حلول ترقيعية لن تصمد طويلا.

 

Related posts

ارتفاع نسبة البطالة في صفوف حاملي الشهائد العليا

Halima Souissi

مجلس هيئة الانتخابات: المصادقة على النتائج الأولية لانتخابات أعضاء المجالس المحلية

ichrak

قيمة الترفيع في معاليم جولان السيارات سنة 2022 بالأرقام:

root