محمد القوماني: حركة النهضة استوعبت رسائل الغاضبين منها وستقوم بالمراجعة والتقييم

حليمة السويسي -قبل الأولى: تحول الحديث عن تورط قيادات حركة النهضة في ملف التسفير وقضية “أنستالينغو” من صفحات الفايسبوك إلى أروقة المحاكم، فقد تم استدعاء العديد منهم للتحقيق وأخرهم رئيس الحركة راشد الغنوشي، عن هذه التحقيقات والانتخابات التشريعية ومؤتمر الحركة كان لـ 24/24 حوار مع القيادي بحركة النهضة محمد القوماني.
*تورط قيادات النهضة في ملفات التسفير وتبيض وغسيل الأموال لم يعد مجرد حديث إنما فتحت تحقيقات قضائية طالت العديد من القيادات ورئيس الحركة راشد الغنوشي، ما مدى جدية هذه الاتهامات؟
– راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة يتم استدعاءه للمرة الخامسة للتحقيق، وقاضي التحقيق يبقيه في حالة سراح والمحامون يكشفون أن هذه التتبعات سياسية وأن الملفات خالية من أي إدانة.
ولو أنها كانت فعلا شبهات جدية ما كان القضاء ليترك الغنوشي في الخمس مرات في حالة سراح رغم استئناف النيابة العمومية.
هذه تتبعات سياسية والدليل لم تخص راشد الغنوشي وقيادات الحركة فقط إنما طالت العديد من الشخصيات الرافضة للانقلاب، والدليل أنه بعد 25 جويلية وقع الحكم على الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي والحكم على عميد المحامين ووقع تتبع غازي الشواشي الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي وتتبع الصحفيين كصالح عطية وعامر عياد وتمت إحالة نواب على القضاء العسكري والمدني وصدرت بطاقات إقامة جبرية وتم التراجع فيها ومنع النواب ورجال الأعمال وسائر النشطاء من الخروج من تونس تحت إجراء s17.
وهو ما أثار مخاوف دولية ففي الجلسة الأخيرة بجنيف عندما تم الاستعراض الدولي الشامل لملف حقوق الإنسان بتونس أثار أغلب المتدخلين الحديث عن الانتهاكات الواقعة بعد 25 جويلية، في حين لم تجد الحكومة ورئيسة الحكومة أي انجازات للدفاع عن حقوق الإنسان عدا التشريعات التي وقعت في “العشرية السوداء” سواء في الدفاع عن حقوق المرأة وتعزيز مكانتها وغيرها من التشريعات الحقوقية التي أقرها مجلس نواب الشعب.
*فريق الدفاع عن الغنوشي طالب قاضي التحقيق باستدعاء شخصية نافذة من أجل الاستماع إليها في ملف أنستالينغو، هل لديك معلومات عن هذه الشخصية؟
– المعلومات المتوفرة حاليا أن ملف قضية “أنستالينغو” مذكورة فيه عشرات الأشخاص من حركة النهضة وخارجها بمن فيهم مرشحين سابقين لرئاسة الجمهورية ومسؤولين نافذين في وزارات سيادية منهم من تعامل مع هذه الشركة في حمالات انتخابية.
هذا الملف العجيب حقيقة إلى حد الآن لم تتكشف لا دوافعه ولا عدد المعنيين به، ونحن دائما نردد لا أحد فوق القانون وفوق المسألة إذا تم ضمان استقلالية القضاء واحترام القانون.
لكن الملاحظ أن عدد المشمولين حاليا في هذا الملف الذين منهم من في حالة فرار وحالة إيقاف ومنهم أو في حالة سراح يدل على أن الملف ذو بعد سياسي كغيره من الملفات.
* صرح حاتم اليحياوي المحامي وعضو حراك 25 جويلية أن محكمة الجنايات الدولية تعهدت بالنظر في قضية رفعها ثامر بديدة متعلقة بتمويل قيادات حركة النهضة للجماعات الإرهابية، ما هو تعليقكم؟
– اطلعنا على هذا الإعلان على وسائل التواصل الاجتماعي كالجميع، وهو إعلان عار من الصحة يدل عن جهل فضيع بآليات عمل محكمة الجنايات الدولية التي لا تنظر في مثل القضايا التي يتحدث عنها هؤلاء المحسوبين على حراك25 جويلية وحركة النهضة إلى حد الآن لم توجه إليها تهم في الغرض حتى في تونس وبعض الدعاوي القضائية ضد رئيس حركة النهضة إلى حد الآن يتابعها السادة قضاة التحقيق ويتركونه في حالة سراح لأن الأدلة ضعيفة جدا ولأن التهم ذات طابع سياسي، في ضل مسار 25 جويلية الانقلابي المستهدف للمعارضين.
حركة النهضة وقياداتها أبعد ما يكون عن التهم التي يثيرها ثامر بديدة وغيره، والقضاء التونسي إلى حد الآن صامد ومصر على أداء دوره ضمن الاستقلالية التي منحتها له الثورة التونسية رغم كل الضغوطات الممارسة عليه من قبل رئيس الجمهورية ووزيرة العدل.
*منذ مدّة انطلقت العملية الانتخابية، ما هو تقييمكم لعمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات؟
– هيئة الانتخابات المعينة التي عوضت الهيئة المنتخبة أظهرت انحيازا مبالغ فيه للسلطة القائمة وبرهنت عن عدم كفاءة وأخطاء فادحة سواء تعلق الأمر باستفتاء 25 جويلية أو بالإعداد للانتخابات التشريعية 17 ديسمبر 2022، ولعل ما سجل من مهزلة منذ يومين متمثلة في نشر أوامر وشروط الترشح للانتخابات بعد إغلاق باب الترشحات والقبول الأولي للمترشحين، والذي تفطنت له الهيئة بعد أن تم إثارة الموضوع من قبل المحكمة الإدارية بخصوص أحد الطعون.
ومن الاخلالات الكبرى مباشرة تسجيل كلمات المترشحون للناخبين من خلال وسائل الإعلام والتلفزة الوطنية دون الاتفاق وإصدار بيان مشترك مع الهايكا كما ينص على ذلك القانون الانتخابي.
سائر الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني عبرت عن عدم ثقتها في الهيئة المنصبة برئاسة فاروق بوعسكر وطعنت في مدى حيادها والتزامها بالشفافية في مختلف مراحل العملية الانتخابية ونحن في حركة النهضة صرحنا بعد الارتباك عند التصريح بنتائج الاستفتاء وككرنا ذلك في انطلاق العملية الانتخابات أننا لا نثق في عمل الهيئة ولا في نتائجها.
*ما هي توقعاتكم بخصوص ملامح البرلمان الذي ستسفره الانتخابات التشريعية القادمة؟
– البرلمان القادم سواء تم أم لم يتم، لن تكون له أي قيمة وأي دور في نحت مستقبل تونس.
والاستحقاق الانتخابي القادم قاطعته أغلب الأحزاب إلا التي بقيت في موالاة كاملة لمسار 25 جويلية مهازلة لأنه يزعم أن تمثيلية الشعب يجب أن تكون تمثيلية حقيقية لكن لأول مرة في تونس نجد نواب في أكثر من 10 دوائر لا يحتاجون لصوت أحد سيمرون للبرلمان أليا باعتبار أن العشر دوائر فيها مرشح واحد تقريبا وعشر دوائر أخرى فيها مرشحين وسبع دوائر دون مرشحين
هذا الاستحقاق مهزلة سندخل سجلات الأرقام القياسية من خلال النائب الذي يصبح نائب دون أصوات الشعب، وهي نتيجة حتمية عندما يتم فرض دستور عن طريق مرسوم ويتم وضع قانون انتخابي على المقاس وتعلن أغلب الأحزاب مقاطعته لن نجد غير وصفها بالانتخابات المهزلة.
*النهضة أعلنت عدم مشاركتها في الانتخابات التشريعية، لكن هناك حديث عن ترشحات محسوبة ضمن قيادات الصف الثاني والثالث للحركة؟
– حركة النهضة ضمن جبهة الخلاص والطيف السياسي المعارض عموما قاطعت الانتخابات التي ليس لها معنى ولو كانت الحركة عازمة على المشاركة لن تتخفي نحن نفند الحديث عن الغواصات الانتخابية فهناك دوائر دون مرشحين حركة النهضة لو عندها غواصات لبعثت مرشحيها لهذه الدوائر.
* قرار مقاطعة الانتخابات هل كان محل خلاف داخل الحركة لاسيما وأن عديد القيادات النهضوية صرحت بضرورة قبول الوضع والتعامل معه؟
– قبل أن تبدأ العملية الانتخابية حصل حوار داخل النهضة كما هو الشيء في مختلف الأحزاب والفاعلين السياسيين حول المشاركة من عدمها في الانتخابات.
وعبرت بعض الآراء داخل النهضة سواء في القيادة أو مستويات أخرى على أن الأحزاب غير مدعوة للانتخابات التي يتقدم إليها أفراد لذلك من حق البعض الترشح لكن بعد التداول المعمق كان القرار في مجلس الشورى بأن حركة النهضة لن تشارك في هذه الانتخابات ولن تعترف بنتائجها وغير معنية بالمؤسسة المنبثقة عنها.
لذلك أصدرت تعليماتها بوضوح لكل منخريطيها بعدم المشاركة في الانتخابات لا بالتزكيات ولا بالترشحات.
النهضة الملتزمة بعدم المشاركة بسبب موقفها من المسار الانقلابي بصفة عامة وبسبب انشغالها بإنجاز مؤتمرها الحادي عشر من أجل تجديد عرضها السياسي والتقدم للناخبين في مناسبة تكون أفضل
*هل تم تحديد موعد محدد لمؤتمر الحركة وماذا سيتغير بعده ؟
– مؤتمر حركة النهضة الحادي عشر الذي تأخر كثيرا تقرر أن يكون في ذكرى تأسيس الحركة في جوان 2023 وهذا المؤتمر تشكلت لجناتان واحدة مضمونية والأخرى لوجيستية للإعداد له منذ أشهر والأعمال متقدمة له، كما أن هذا المؤتمر سيشهد في الحد الأدنى انتقال على راس قيادة حركة النهضة لأن السيد راشد الغنوشي عبر مرارا أنه سيلتزم بالقانون الأساسي الذي لم يمنعه من الترشح أكثر من مرتين وهو لن يكون رئيس حركة النهضة بعد المؤتمر وهذا الاستحقاق المضموني والانتقال القيادي يحتاج من النهضة إلى عمل مركز خلال الأشهر المتبقية علاوة على أن حركة النهضة صرحت أكثر من مرة أنها استوعبت رسائل أنصارها الغاضبين عليها ومن ناخبيها ومن عموم التونسيين سواء في يوم 25 جويلية أو بعده وأنه بعد تجربة من المشاركة في الحكم لـ10 سنوات عليها أن تقدم تقييمها وسردياتها وتعتذر عن أخطائها تقدر أهميتها ودورها فيها.
وستعيد النظر في برامجها وعرضها السياسي بصفة عامة.
*من المرشح الأقرب لخلافة راشد الغنوشي في رئاسة الحركة؟
-إلى الآن لم تفتح باب الترشحات بطبيعة الحال في الأشهر القادمة سيكون محور الاهتمام هو المرشحين الذين سيخلفون راشد الغنوشي والصيغة التي ستقترحها القيادات في معالجة هذا الاستحقاق القيادي
حركة عريقة كحركة النهضة عمرها يتجاوز نصف قرن وبرصيدها البشري والتاريخي وموقعها في المشهد السياسي في تونس لا أعتقد أن موضوع رئاستها يحسم في الأيام الأخيرة السابقة للمؤتمر بل يجب أن يكون موضوع حوار ليس فقط داخل النهضة بل حتى خارج النهضة. وسيكون الموضوع الأهم على طاولة الحوار والإعلام في الأشهر القليلة القادمة.
*هل ستترشح لرئاسة الحركة؟
-شخصيا لست معني للترشح لرئاسة الحركة ولكن بالطبع لي دور في تقييم وتصور المشهد الحزبي والسياسي وسأعبر عنه في الوقت المناسب ولا أتردد في القول بأن المشهد الحزبي في تونس بما في ذلك حركة النهضة يحتاج إلى التجديد على جميع المستويات دون محضورات.

Related posts

محمود بن مبروك : اتحاد الشغل دخل في لعبة سياسية لا يمكنه التراجع عنها وضيع فرصة تاريخية كداعم لاستقرار البلاد

root

الدستوري المستقل محمد صافي الجلالي: صراع سعيد ليس مع منظومة ما بعد 2011 إنما هو صراع مع “الدساترة”

root

العجمي الوريمي : “رئيس الجمهورية لديه أولويات أخرى غير البلاد “

root