التجاذبات داخلها لا تنقطع: لماذا تتكرر الصراعات في هيئة الانتخابات؟ - avant-premiere

التجاذبات داخلها لا تنقطع: لماذا تتكرر الصراعات في هيئة الانتخابات؟

تثير الصراعات المتواترة في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منذ تأسيسها اسئلة حيرة حول اسباب تكررها من فترة الى اخرى برغم تغيير تركيبتها أكثر من مرة و تغيير المشرفين عليها.

و تشرف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على مختلف المسارات الانتخابية وعلى التنظيم اللوجستي لها، وبموجب القانون المؤسس لها و الذي تم وضعه في سنة 2011، وقد نجحت في كسب الرهان و انجاح مختلف المحطات الانتخابية التي اشرفت عليها من انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وصولا الى انتخابات مجلس نواب الشعب الذي باشر مهامه يوم 13 مارس الماضي.

دور متقدم

ولا يختلف عاقلان في أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هي مكسب مهم جدا في سبيل تحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود في البلاد، لا سيما انها قد اخرجت العملية الانتخابية من صبغتها الأمنية التي تطبع النظم الشمولية و الديكتاتورية، وحولتها إلى ممارسة حرّة تسعى الى تجسيد ارادة الشعب في الاختيار وفقا للتمثل الديمقراطي.

ووكل مؤسسة في مسار ديمقراطي فان عمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يخضع الى تقييمات مختلفة ومن زوايا متعددة، تبرز من خلالها نجاحها في كسب رهانات المسارات الانتخابية التي اشرفت عليها بمساندة من المجتمع و الاعلام ومختلف شركائها  و تجنيب البلاد سيناريوهات خطرة، مقابل وجود نقائص في علاقة بقانونها او ادائها العام خاصة في ما يتعلق بالتوعية و الحث على المشاركة في التصويت والاقتراع وفي دراسة اسباب العزوف وغيرها من المحاور التي ينتقد فيها البعض الاداء العام للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فضلا على طريقة التعاطي مع المخالفات والجرائم الانتخابية.

ومن الملاحظ أن الهيئة الاولى للانتخابات التي تشكلت سنة 2011 و التي اشرفت على انتخابات المجلس الوطني التأسيسي كانت أكثر الهيئات تماسكا، و استفادت في ذلك من العديد من العوامل، حيث ان الزخم الشعبي الدافع إلى ضرورة التغيير قد ساهم في نجاح عملها بخصوص التعبئة الانتخابية حيث استطاعت تسجيل 5 مليون ناخب في ظرف وجيز، كما ان اتخاذ القرار صلب مجلسها المركزي كان يتم بمرونة و بأكثر توافقات بما كان له الاثر الكبير في تماسك وحجتها التي منعت بروز خلافات علنية كالتي حصلت في الفترات السابقة.

خلافات متكررة

وشهدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محطات صراع عديدة كان ابرزها استقالة شفيق صرصار نتيجة خلافات داخلية كبرى كادت ان تعصف بالهيئة قبل أن يتم رأب الصدع بعد انتخاب محمد التليلي المنصري خلفا له، و ظلت تلك الخلافات حديث الرأي العام لفترة طويلة و اثيرت معها المخاوف من امكانية حدوث انتكاسة في اهم مؤسسة يفترض ان تكون القاطرة التي تجر المسار الديمقراطي الجديد في البلاد.

نفس الخلافات تجددت في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في “هيئة التليلي المنصري” و ادت الى استقالته من الرئاسة وتمسكه بالعضوية نظرا لانقطاع سبل التفاهم بين الاعضاء و كثرة الاتهامات ، و بذلك زادت المخاوف في تلك الفترة من انهيار هذه الهيئة التي كانت متجهة الى مسار لوجستي ناجح لكنه مشوب بالكثير من التجاذبات السياسية التي اصبحت تخرج الى العلن بكل سهولة.

ودبت الخلافات مجددا بين الرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفون و العضو السابق عادل البرينصي، ليتم تبادل الاتهامات بين السعي للسيطرة على الهيئة ومحاولة اثارة البلبة و استمرت هذه الخلافات الى حين قرار رئيس الجمهورية قيس سعيّد القاضي بتغيير تركيبة هيئة الانتخابات و الذي صدر في افريل 2022 بعد أن تم اعفاء اعضاء الهيئة القديمة.

و تغيير تركيبة هيئة الانتخابات بعد 25 جويلية، و الانتقال من مبدأ الانتخابا في مجلس نواب الشعب الى مبدأ التعيين من قبل رئيس الجمهورية و من ترشيحات الهياكل القضائية لم يضع الحد لتلك الخلافات، بل انها برزت بشكل باكر جدا بين رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر والعضو القديم الجديد سامي بن سلامة و التي انتهت إلى اعفاء بن سلامة.

ومنذ ايام برزت خلافات اخرى بين النائب السابق لرئيس الهيئة العضو ماهر الجديدي و رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر حول قرار التقسيم الترابي و انتهى الامر بتصويت المجلس المركزي لهيئة الانتخابات على اعفاء الجديدي قبل رفع الامر إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد.

أي أسباب للخلافات؟

إن المتابع لحيثيات هذه الخلافات التي تبرز من فترة أخرى يلاحظ اقترانها بجزء كبير منها بالفسلفة العامة لعمل الهيئة والذي يحدده قانونها الاساسي، حيث أن التوسع التدريجي في صلاحيات رئيس الهيئة داخل المجلس المركزي للهيئة كان سببا مباشرا في تعاظم الكثير من الخلافات، و بدا ذلك لافتا في المرسوم المنقح للقانون الاساسي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات و الذي جعل من صلاحيات الرئيس مهيمنة خاصة في مسائل لم تكن من مشمولاته على غرار تعيين خطط الاعضاء و غيرها.

وتؤكد العديد من التقارير التي تناولت ظاهرة الصراعات في الهيئة بالدرس وجوب تغيير القانون الاساسي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات برمته مستقبلا حتى يعطي الكثير من المرونة لعمل الهيئة في التعاطي مع كل الملفات التي هي من مشمولاتهم.

 

Related posts

طقس اليوم الاثنين 27 مارس 2023

جلسة عامة مخصصة لمواصلة النقاش العام حول مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024

Ra Mzi

سيدي بوزيد: 5إصابات في حادث مرور

Ra Mzi