القطاع الفلاحي في قفصة يختنق - avant-premiere

القطاع الفلاحي في قفصة يختنق

يعتبر القطاع الفلاحي من القطاعات الرئيسية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة لأنه يمس جوانب هامة من الاقتصاد. ويواجه هذا القطاع في تونس إشكاليات عديدة تحول دون تطوره وتقدمه وتحقيق معدلات إنتاجية عالية منه، خاصة في محاصيل كالقمح الذي تقوم الدولة باستيراد كميات ضخمة منه لغرض الاستهلاك وتعويض النقص الحاصل على مستوى الإنتاج المحلي.

ولاية قفصة ليست بمنأى عن جملة هذه الإشكاليات التي جعلت الفلاح محاطا بمجموعة من التحديات، لا تراعي طبيعة الأوضاع الاقتصادية لهذه الفئة ما يجعل الفلاحين يطالبون بدعم الدولة لهم ليكتسبوا القدرة على تلافي الانعكاسات السلبية الحاصلة لهم ولاستثماراتهم الفلاحية التي كلفتهم الكثير دون ان يجنوا ما يعوض لهم.

ورغم ان الفلاحة هي الحل لتعزيز السيادة الوطنية وتنمية الاقتصاد فإنها تعاني من العديد من الصعوبات، كما أن القطاع يمثل مورد رزق لأكثر من مليوني عائلة في تونس، إضافة إلى مساهمته الكبيرة في دعم التنمية الاقتصادية عبر استيعاب اليد العاملة وتحقيق الأمن الغذائي وبالتالي تحسين المستوى المعيشي للسكان.

مشاكل في انتظار الحلول

رغم مردوديته العالية اقتصاديا واجتماعيا يواجه القطاع الفلاحي العديد من الإشكاليات في ولاية قفصة بسبب ندرة هطول الأمطار بمناطق الجنوب الغربي وعدم قدرة الفلاحين على مقاومة تكاليف الري للتصدي للجفاف، وكذلك النقص الحاد في المواد العلفية مثل الشعير العلفي والسدارى وما يتعرض له الفلاح من صعوبات من أجل توفير احتياجاته لبقاء محصوله،  كما أن دخول كبار المستثمرين واحتكارهم للسوق جعل الفلاح يعاني من الاستغلال دون التحكم في إنتاجه و التفريط فيه بأقل من ثمنه.

العطش يهدد الواحة

تمتد الواحات في تونس على مساحة 40 ألف هكتار وهي  واحات ساحلية بقابس وجربة وواحات جبلية بمناطق ميداس و الشبيكة والظافرية وتمغزة ، بولاية توزر ، و واحات قفصة وتوزر وقبلي  . ورغم ما قامت به الدولة للمناطق السقوية وحفر الآبار لري الضيعات والمقاسم الفلاحية إلا أن مشكل ندرة المياه يبقى حاجزا أمام الفلاح لتطوير منتوجه في هذه المنطقة. و حسب مصدر فلاحي فانه يتم استغلال ما يقارب عن 70 ٪  من الموارد المائية بولاية قفصة و استعمالها في الري ، وتنقسم هذه المياه إلى أبار تابعة للدولة وآبار تقع إدارتها من طرف المجامع التنموية المائية لكن مع تزايد عدد السكان وتزايد الاستهلاك أصبح الفلاح يواجه مشكل نقص المياه الذي يعود إلى عدة أسباب أبرزها إحداث توسعات جديدة وندرة هطول الأمطار والجفاف الحاصل بالمنطقة في الخمس سنوات الأخيرة . أما الإشكال الاخر فيتمثل في الاحتكار عبر تعدد مسالك التوزيع غير المراقبة من طرف الدولة وذلك عبر اعتماد الوساطة بدل إتباع سياسة البيع من المنتج إلى المستهلك  إضافة إلى الزحف العمراني على حساب المساحات الواحية والبناء الفوضوي ، وهذا ما جعل الفلاح يعزف عن الإنتاج وخدمة الأرض لعدم قدرته على مواجهة جميع هذه التحديات.

الثورة الحيوانية مهددة والزراعات الكبرى والأشجار المثمرة في حاجة إلى الدعم

تبلغ مساحة الزراعات الكبرى بولاية قفصة ما يقارب عن 33 الف هكتار وتضم القمح والشعير والأعلاف أما الأشجار المثمرة فيقدر عددها ب92 الف هكتار منها  59 ألف هكتار زياتين . وتمثل الثروة الحيوانية، التي تضم الأغنام والأبقار والماعز و تربية الأرانب والسمان ومربي النحل،  مورد رزق مئات الفلاحين.  لكن ورغم أهمية القطاع الفلاحي وتنوعه بالجهة وقدرته على دعم الاقتصاد الوطني فإن التحديات المادية تقف حاجزا أمام استمرارية الإنتاج، فمشكل الترويج الذي يواجهه الفلاح دليل على غياب إستراتيجية واضحة للدولة  إضافة الى ان المربي والفلاح يعيشان على وقع مشكل ارتفاع التكلفة عبر الزيادة في أسعار الأعلاف مما يستوجب تدخل الدولة عبر الدعم من أجل التخفيض في الأسعار. وحسب العديد من الفلاحين فإن أبرز مشاكل القطاع الفلاحي هي المديونية التي تطوق الفلاح والتي تمثل عائقا أمام دعم الاستثمار لضعف مساهمة القطاع البنكي في تمويل المشاريع البنكية وأيضا عدم تسوية الأراضي الاشتراكية لدى مجالس التصرف مما سيمثل حاجزا يمنع الفلاحين من التمتع بالامتيازات وأيضا عدم استجابة السلطة لمطالب بناء الآبار من اجل بعث مشاريع خاصة. من جهتها تواجه الثروة الحيوانية جملة من الإشكاليات على غرار نقص المراعي وغلاء الأعلاف وعدم توفيرها وكذلك احتكار الوسطاء للقطاع ويطالب الفلاحون بإيجاد حلول فورية تنهي أزمة هذا القطاع ومراقبة المحتكرين والمستثمرين الخواص الذين لا يفوتون فرصة لتحقيق مرابيح خيالية على حساب الوضع الاقتصادي الهش للفلاحة. كما أن الأمر يتطلب خطة إنقاذ حكومية من أجل دعم صغار الفلاحين على تخطي الإشكاليات التي تحول دون تحقيق تقدم القطاع.

Related posts

قريبا: انتهاء موسم جني الزيتون…وسط استقرار السعر الأكثر تداولا للتر الزيت

دعوة إلى الإعلان عن حالة الطوارئ المائية في تونس

قبل الأولى

رئيس الجمهورية يدعو إلى تفكيك شبكات الزيت المدعم، المحوٌّل للاستعمال الصناعي