في منتزه البلفيدير ذلك الامتداد الأخضر- حوالي 13 هكتار- والذي يصفه البعض بأنه “رئتي العاصمة”، هناك يعُج المكان بنوستالجيا تحملها فضاءاته.
حسب الرواية الشعبية المتداولة، كان منتزه البلفيدير أو “جنان الريّ” على ملك آخر والٍ بيزنطي حكم تونس وهو “جرجير” وقد خصصه لابنته للتنزه لما يحويه من زياتين وكروم وبقيت هذه الربوة ملاذًا لسكان مدينة تونس طيلة قرون حكم الباشوات والبايات العثمانيين وإلى اليوم.
ومن بين الفضاءات الموجودة في ربوة البلفيدير، نجد المركز الوطني للفن الحي “دار الفنون”، الذي تأسس في بداية التسعينات على يد الفنان علي اللواتي وكان متنفسا لعديد الفنانين من جميع الاختصاصات، ففي فترة غير بعيدة احتضنت دار الفنون معارض فنية لكبار الرسامين العالميين مثل بيكاسو وخوان ميرو إلى جانب رسامين تونسيين مثل الزبير التركي والهادي التركي وعبد العزيز القرجي وعمار فرحات..
وبعد تعطل أنشطته لأربع سنوات، تمت إعادة افتتاح المركز الوطني للفن الحي بتونس، أول رواق عمومي للفنون، يوم السبت 13 ماي 2023 بإشراف وزيرة الشؤون الثقافية الدكتورة حياة قطاط القرمازي وحضور عدد هام من الفنانين التونسيين.
يتكون المبنى الأساسي لدار الفنون من طابقين يستجيبان لمواصفات عرض الفن التشكيلي والتنصيبات، حيث يمكن لزائر الرواق أن يطّلع على مُنجز أهم الرسامين التونسيين وهو يحتضن حاليا وإلى غاية 7 نوفمبر 2023 معرضا تكريميا للفنان الراحل بوجمعة بالعيفة.
كما يتم حاليا القيام باللمسات الأخيرة لتأثيث مكتبة مختصّة ستفتح للعموم قريبا تحتوي على أكثر من 3000 مرجع مهمّ للغاية في مجال الفنون بمختلف تصنيفاتها، وفي هذا السياق صرّحت مديرة دار الفنون السيدة عربية العياري أن “هناك كتب ومراجع لا نجدها إلا في دار الفنون ستكون متاحة للباحثين وطلبة الفنون وحتى هواة الفن والشغوفين به”
في الطابق العلوي، تفاصيل أخرى تتيح احتضان أنشطة أخرى على غرار القراءات الفنية واللقاءات الشعرية وكذلك تنظيم ندوات أو تقديم إصدارات.. إذ يحتوي على ركن مؤثث لزوار الرواق وبيانو في الركن أضفى على المكان حميمية.
وفي الجزء الخلفي من دار الفنون، نجد فضاء لنقار l’hangar المستقل عن البناية الأولى وهو مخزن كبير سيكون فضاء متعدد الاختصاصات بحيث يحتضن العروض الفنية بمختلف فروعها (كوريغرافيا، مسرح ورشات فنية..) أما الآن فهو يحتوي على أرشيف المؤسسة الذي يتضمن مجلات مختصة واسطوانات ويتطلب مزيدا من أشغال التهيئة لينطلق في النشاط في القريب العاجل.
وبجانب “لنقار” نجد فضاء صغير آخر، مستقل بدوره، سيكون المقهى الثقافي حيث بدأت أشغال تهيئته وسيمتد على جزء من فضاء الهواء الطلق المحاذي له، وقد أكدت المديرة “أن وزارة الشؤون الثقافية حريصة على التسريع في أشغال التهيئة للفضاءات المذكورة حتى تكون دار الفنون بمختلف فضاءاتها متاحة للعموم في أقرب الآجال وتستقطب الشباب خاصة منهم طلبة المعهد العالي للفنون التشكيلية والمعهد العالي للفن المسرحي وتلاميذ معهد العمران للفنون”.
وضمن البرمجة السنوية لدار الفنون نذكر معرض “نداء الماء” الذي ينتظم خلال شهر نوفمبر 2023 بالاشتراك مع “رواق بيت اسكندر للفنون” بطرابلس في ليبيا، وبداية من جانفي 2024 سينتظم معرض تكريمي للفنان الراحل محمد امطيمط وآخر للفنان خليل قويعة إلى جانب عودة المعرض السنوي لاتحاد الفنانين التشكيليين إلى دار الفنون.
وجدير بالذكر أن دار الفنون تشرف أيضا على فضاء (Concept Store) بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي الذي من مهامه اختيار مجموعة من الأعمال لفنّان تشكيلي وطباعتها على مجموعة من الهدايا التذكاريّة مثل بطاقات بريديّة وبطاقات تهنئة وكؤوس ويوميّات ومفكّرات وغيرها…