في صباح شعريّ اليوم 30 أفريل 2025، وفي إطار معرض تونس الدولي للكتاب في دورته 39، أضاء الشاعر السعودي الكبير محمد خضر جناح وزارة الشؤون الثقافية بمشاركته في أمسية شعرية استثنائية ضمن برنامج ثقافي حافل جمع نخبة من الشعراء العرب والعالميين، من بينهم الدكتورة السعودية أديم الأنصاري والفنزويلي أنطونيو تروخيو، والتونسيين سلوى الرابحي، ومحمد الهادي الجزيري، وخالد الوغلاني.
محمد خضر، المعروف بصوته الشعري المتفرّد، قدّم خلال الأمسية قراءات من أعماله التي تتسم بالعمق والشفافية، حيث تنساب كلماته بين الحنين والتأمل، مستحضرةً تفاصيل الحياة اليومية ومفردات الذات والوجود. تميّزت مشاركته بقدرة فريدة على مزج البساطة بالعمق، مما جعل قصائده تلامس وجدان الحضور وتثير فيهم مشاعر الدهشة والتأمل.
وقد عبّر خضر عن سعادته بالمشاركة في هذه التظاهرة الثقافية، وأشار إلى أن مثل هذه اللقاءات تُعزّز من التبادل الثقافي وتُسهم في بناء جسور التواصل بين الشعوب من خلال الكلمة والإبداع.
وتأتي مشاركة محمد خضر في معرض تونس الدولي للكتاب كإضافة نوعية للمشهد الشعري العربي، حيث يُعدّ من الأصوات الشعرية البارزة في المملكة العربية السعودية، وله حضور مميز في المحافل الأدبية والثقافية.
يُعدّ محمد خضر أحد أبرز الأصوات الشعرية المعاصرة في المشهد الثقافي السعودي، شاعرٌ لا يكتب القصيدة فحسب، بل يعيد اكتشافها من الداخل، ويمنحها لونا شفيفا من الحزن والدهشة والتأمل. من مدينة جازان، خرج صوته متفرّدًا في نبرته، مؤسِّسًا لمساحاتٍ شعريةٍ جديدة تعيد تموضع القصيدة ضمن خرائط الوجدان العربي.
خضر لم يكن مجرد شاعر، بل كان فاعلاً ثقافيًا من الطراز الأول، ساهم في تأسيس جماعة (شتا) الفنية عام 2004، كما أسّس ملتقى “مدد” الثقافي عام 2005، ليجعل من الفعل الشعري مساحة جماعية للخلق والتأمل والتفاعل.
إبداعاته متعددة الأوجه، إذ يمتدّ مشروعه الأدبي من الشعر إلى الرواية، ومن المقالة إلى الكتب الفنية المشتركة. صدرت له العديد من الدواوين الشعرية التي رسّخت اسمه كأحد المجددين في قصيدة النثر، من أبرزها:
مؤقتاً تحت غيمة (2002)
صندوق أقل من الضياع (2007)
المشي بنصف سعادة (2008)
تماماً كما كنت أظن (2009)
عودة رأسي إلى مكانه الطبيعي (2017)
فراغ في طابور طويل (2020)
سيرة ذاتية لغيمة (2023)
كما كتب الرواية وصدرت له: السماء ليست في كل مكان (2011)، والتي فازت بجائزة المركز الثالث في جائزة الرواية السعودية “سعود بن عبدالمحسن”، لتؤكد قدرته على الانتقال السلس بين أجناس الكتابة. وضمن مسار الترجمة العالمية، تُرجمت مختارات من شعره إلى الإنجليزية.. وصدرت له أيضا مجموعة مترجمة إلى الفرنسية تحت عنوان “تماماً كما كنت”.
وشارك في تجارب فنية عابرة للحدود بين الفنون، من بينها عمله المشترك مع الفنانة مريم بوخمسين بعنوان نظرية كل شيء (2017)، وهو كتاب فنّي/شعري يمزج بين النص البصري واللغوي.
كما شغل خضر مناصب تحريرية مهمة، منها عمله كمحرر في الملحق الثقافي لجريدة الاتحاد الإماراتية (2009–2014)، ومحررًا في مجلة عبقر (2014–2015)، ما يعكس حضوره الحيوي في الفضاء الإعلامي الثقافي.
في كل ما يكتبه، تظهر لغة محمد خضر مشدودةً بين بساطة المفردة وعمق المعنى، بين كثافة الصورة الشعرية وتقطير اللحظة العابرة، وكأنه يكتب ليستدرج الغيم، ليعيد للقارئ دهشته الأولى.