أرقام مفزعة لقتلى وجرحى حوادث المرور طرقات تونس "تتوحش" و "تفترس" مستعمليها - avant-premiere

أرقام مفزعة لقتلى وجرحى حوادث المرور طرقات تونس “تتوحش” و “تفترس” مستعمليها

تنتشر بصفة شبه يومية على مواقع التواصل الاجتماعي صور عدة لحوادث سير في العديد من الطرقات، سواء داخل المدن أو في المناطق النائية وقد يؤدي الحادث الواحد إلى سقوط ما بين خمسة وسبعة قتلى، وتسببت بعض تلك الحوادث في مقتل عائلات بأكملها، خصوصاً مع حلول فصل الصيف اذ سجلت مؤخرا طرقاتنا حوادث مرور شنيعة  حصدت أرواح أناس أبرياء حيث توفى 10 اشخاص من بينهم ام وطفليها اثر حادث مرور اليم بصفاقس تمثل في اصطدام سيارة اجرة بشاحنة.

وحسب آخر الإحصائيات التي نشرها المرصد الوطني لسلامة المرور فقد بلغت حوادث المرور منذ بداية السنة، والى حدود جوان الماضي  2546 حادثا، خلّف 548 قتيلا، و3553 جريحا، وأبرزت الإحصائيات أن 50 بالمائة من قتلى حوادث المرور هم من فئة الشباب دون سن 34 سنة وأنّ عنصري السهو والسرعة تسببا في 52 بالمائة من قتلى حوادث المرور.

وتعود أسباب الحوادث أساسا وفق المرصد  إلى السرعة وعدم الانتباه بنسبة 42.23% تليها السرعة بنسبة 15.14% ثم عدم احترام الأولوية بنسبة 8.66% . أما بالنسبة للأسباب التي أدت إلى الموت جراء حوادث الطرقات فقد كانت السرعة في المرتبة الأولى بنسبة 28.46% تليها السهو وعدم الانتباه بنسبة 24.76% ثم عدم ملازمة اليمين بنسبة 13.65% وشق الطريق بنسبة 7.80% .

واحتل السهو وعدم الانتباه المرتبة الأولى في أسباب ارتكاب الحوادث في تونس بنسبة تجاوزت 42 بالمائة، تلته في المرتبة الثانية السرعة التي تسبّبت في ارتكاب أكثر من 15 بالمائة من الحوادث المسجّلة الى حدود 26 جوان الجاري، يعقبها عدم احترام الأولوية بنسبة فاقت 8 بالمائة، ثمّ عدم ملازمة اليمين بنسبة تجاوزت 6 بالمائة.

وأظهر المرصد الوطني لسلامة المرور أن عدم احترام علامات المرور، والسياقة في حالة سكر، والمجاوزة الممنوعة، وشقّ الطريق، والمداهمة تعدّ أيضا من أهم المسبّبات الأخرى لحوادث الطرقات في تونس.

كما كشفت جمعية سفراء السّلامة المروريّة، خلال ندوة صحفية نظمتها الأسبوع الماضي عن تسجيل 90 قتيلا في صفوف التلاميذ الذين يقل سنهم عن 14 سنة، جرّاء حوادث الطرقات بمحيط المؤسسات التربوية خلال السنة الماضية.
وطالبت الجمعيّة في هذا الصّدد بضرورة الإسراع في تفعيل التنقيح المدخل على الأمر عدد 151 لسنة 2000 المتعلق بالقواعد العامة للجولان في فصله الخامس والمتعلق بإجبارية التخفيض في السرعة إلى 30 كلم/ الساعة بمحيط المؤسسات التربوية والتكوينية، والذّي صدر بالرّائد الرّسمي عدد 62 لسنة 2023 ، وذلك من خلال تمكين رؤساء البلديات من وضع علامات تخفيض من السرعة الى 30 كلم/الساعة على ان يكون هذا التخفيض إجباريا بالمناطق المحيطة بالمؤسسات التربوية والتكوينية ومؤسسات التعليم العالي والبحث والمؤسسات الشبابية والمنشآت الرياضية المعلن عنها بالعلامات الملائمة.
ويندرج هذا التنقيح، ضمن قائمة المناطق التي تتطلب تخفيضا للسرعة، على غرار المناطق المحيطة بالمؤسسات التربوية والتكوينية ومؤسسات التعليم العالي والبحث والمؤسسات الشبابية والمنشآت الرياضية المعلن عنها بالعلامات الملائمة، ويتعين على كل سائق أن يخفض من سرعته بصفة ملحوظة والوقوف عند الاقتضاء عند عبور المُعبّد من قبل الأشخاص ذوي الإعاقة على مستوى الأماكن المهيّأة والمخصّصة للغرض.

وفسر عفيف الفريقي رئيس الجمعية التونسية للوقاية من  حوادث الطرقات في تصريح لـ”24/24أن أسباب هذه الحوادث تعود بالأساس إلى السهو وعدم الانتباه وعدم احترام الأولوية ومخالفة شق الطريق والمداهمة وعدم ملازمة اليمين الى جانب عدم احترام اليمين وتغيير الاتجاه وعدم احترام علامة “قف”  .

هذا وأوصى الفريقي بمزيد اليقظة وتعزيز وتكثيف المراقبة على الطرقات وتطبيق القانون بأكثر حزم لوضع حد للسلوكيات المتهورة لبعض السواق وفرض احترام قانون الطرقات.

مبينا في السياق ذاته ان  الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات كرست كل طاقاتها ومجهوداتها طيلة عقود على ترسيخ ثقافة التربية المرورية لدى الناشئة والعمل على بعث جيل مثقف مروريّا للمساهمة في الحدّ من إرهاب الطرقات، فكانت أوّل الجمعيات التي انطلقت ببرامج ثرية ومتنوعة من حصص تنشيطية وتوعوية وتكوينية للاطفال بالمؤسسات التربوية، لتواصل الجمعية نضالها من أجل ادراج مادّة التربية المرورية ضمن المناهج التربوية منذ السنوات الاولى، كما واصلت مسيرتها في نفس السياق مع المعاهد الثانوية والجامعات والكليات فتمّ تركيز العديد من النوادي للتربية المرورية انبعثت من خلالها نواة لنوادي فرسان وشباب وطلبة سفراء السلامة على الطرقات.

مؤكدا ان الجمعية واصلت عملها النضالي من أجل تنقيح مجلّة الطرقات وتعديل بعض الاحكام التي لم تعد تتماشى مع العصر الذي شهد تطورا في المجال المروري، كما طالبت بالإعداد لتهيئة مشروع المدن الآمنة طبقا لعقد العمل العالمي للامم المتحدة 2021-2030 بتركيز علامة تخفيض السرعة في المناطق التي تشهد كثافة مرورية والمحيطة بالمؤسسات التربوية والتكوينية ومؤسسات التعليم العالي والبحث والمؤسسات الشبابية والمنشآت الرياضية والتي كانت سببا في زهق العديد من الأرواح البشرية خاصة من فئة الأطفال والشباب.

طرقات سيئة تحصد أرواح المواطنين

وكشف رئيس الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات إنّ الطرقات التونسية تعتبر من بين الأخطر في العالم وهي قضية وطنية لأنها تحصد ارواح التونسيين أكثر من العمليات الارهابية التي عاشتها البلاد في العشر سنوات الاخيرة ومع ذلك لم يتمّ إدراجها ضمن أولويات الحكومة.

واعتبر أن الاستراتيجيات الوطنية حول حوادث المرور لم تغادر رفوف المكاتب ولن تأتي ثمارها طالما لم يقع تشريك المواطنين فيها لإبداء آرائهم، وفق تعبيره.

رأي القانون

وأفاد الاستاذ شاكر الهاشمي المحامي لدى التعقيب في تصريح  لـ”24/24″ ان  المشرع التونسي اهتم  بحوادث الطرقات لأهميتها وخطورتها فعرفها بالفصل الثالث من مجلة الطرقات المؤرخة في 26 جويلية 1999 بالتعريف التالي: ” حادث المرور هو كل حادث فجئي يحصل على الطريق واشتركت فيه عربة على الأقل وترتبت عنه أضرار بدنية أو مادية”. و المقصود بالطريق كل سبيل أو مسلك مع جميع ملحقاته مفتوح للجولان العمومي. ويشمل هذا التعريف حادث القانون العام أي الحوادث العادية التي تضم صور مختلف الحوادث باستثناء ما خرج عنها بنص أو قانون خاص .

واكد الأستاذ الهاشمي ان المشرع  التونسي سعى إلى إيجاد الحلول الكفيلة بالتقليص من حوادث المرور والحد من آثارها الاجتماعية والاقتصادية. وإيمانا منه بأن الوقاية خير من العلاج وبأن تكاتف الجهود هو السبيل الأوحد لتحقيق مثل هذه الغاية فقد تم الاتجاه إلى تكثيف التوعية والتحسيس وذلك بتذكير أصحاب السيارات بالواجبات المحمولة عليهم إضافة إلى الحملات التحسيسية المتواصلة وتكثيف المراقبة في كل المناسبات التي يشهد فيها الطريق ازدحاما غير عادي. وقد انتهج المشرع التونسي كغيره من المشرعين سياسة تجريم المخالفات المرورية وذلك للضغط على أسباب الحادث. وقد ارتأى معاقبة الأشخاص الذين يُرفع سلوكهم من احتمال حصول الحادث ومعاقبة الأشخاص الذين يتسببون في حصول الحادث حتى يكونوا عبرة لمن يعتبر. وقد حمل المشرع كل من مستعملي الطريق مجموعة من الواجبات. فنص الفصل الرابع م ط على أنه:” يجب على مستعملي الطريق أن يسلكوا سلوكا لا يشكل خطرا ولا عرقلة للجولان. ويجب بصفة خاصة ملازمة الحذر والتخفيض من السرعة لتسهيل مرور المترجلين والتوقف عند الاقتضاء خاصة عند اقتراب الأطفال و المعوقين والمسنين من المعبد أو عبوره.”

كما حدد الفصل 7 من مجلة الطرقات صفات السائق وواجباته و أكد على ضرورة أن يمتنع عن السياقة خاصة إذا كان تحت تأثير حالة كحولية أو إذا تناول أدوية أو مواد من شأنها التأثير على مؤهلاته أو إذا كان في حالة إرهاق. كما حمله الفصل 13 من مجلة الطرقات  واجب اليقظة إذ نص على أنه:”يجب على السائق أن يكون دوما يقظا و متحكما في سرعته حسبما تقتضيه إشارات المرور وحالة الطريق والطقس وكثافة الجولان والعوارض المتوقعة وخاصيات العربة وحمولتها.” كما ضبط المشرع القواعد الفنية لاستعمال السيارات والمجرورات ونصف المجرورات فنص على أنه:” لا تجوز استعمال أي سيارة أو مجرورة أو نصف مجرورة للجولان ألا إذا كانت تستجيب إلى قواعد فنية تتعلق خاصة بتشخيصها و أوزانها و أطواقها وحجمها الخارجي وأبعادها وشروط حمولتها.” كما حمل سائق الدراجة النارية واجب حمل الخوذة وذلك بالفصل 73 من قانون الطرقات  وتهدف هذه التدابير إلى ضبط السلوك السليم المتجه اتباعه أثناء قيادة العربة إضافة إلى الشروط الفنية التي يجب أن تتوفر فيها فضلا عن قواعد السلامة المتعلقة باستعمال الخوذة أو استعمال حزام الأمان الإجباري.

واكد محدثنا ان المشرع  اقر جملة من العقوبات لضمان تطبيق أحكام مجلة الطرقات وللحد قدر الإمكان من حوادث الطرقات. وتنقسم هذه الجرائم إلى أربعة أصناف: المخالفات العادية والمخالفات الخطيرة و الجنح و الجنايات. وقد تدرج المشرع في العقوبات فشدد في العقاب بحسب خطورة المخالفة. فأقر زجر المخالفات الخطيرة بخطية يتراوح مقدارها بين أحد عشر دينارا إلى ستين دينارا وذلك في صور منها تجاوز السرعة القصوى المسموح بها بأقل من 20 كلم في الساعة و عدم احترام الأولوية وعدم التنازل للعربات ذات الأولوية. كما شدد المشرع العقاب في جميع الصور التي يزيد فيها احتمال حصول الحادث فأقر عقوبة السجن لمدة أقصاها ستة أشهر وخطية تتراوح بين 100 و 500 دينارا مع إمكانية الخيار في العقوبة و ذلك في صورة السياقة تحت تأثير حالة كحولية أو السياقة بدون رخصة أو السياقة بدون الحصول على الصنف المطلوب.

وكشف محدثنا  انه بالرغم  من أهمية هذه التدابير الحمائية والزجرية ودورها في التقليص من عدد حوادث المرور فإنها لم ولن تمكن من القضاء على حوادث الطرقات وبالتالي فإن المشكل الأكبر يظل قائما فمن يرجع للمتضرر صحته ويعيد إليه هناءه؟ ومن يؤمن مستقبله من ويلات حادث لا يمر دون ترك بصماته على بدنه فيسلب منه راحته البدنية والمعنوية ؟ ومن يضمن لعائلته العيش الكريم إذا ما تسبب الحادث في حرمانه من الحياة؟ إن الحل الأمثل هو الالتجاء إلى سبيل التعويض وذلك لاستحالة التنفيذ العيني للالتزام بعدم إلحاق الضرر بالغير.

 

Related posts

العضوة الجديدة بالمجلس المؤقت للقضاء المالي تؤدي أداء اليمين أمام الرئيس قيس سعيد

Ra Mzi

الترويج لتـونس في التظاهرات الرياضية الدولية محور لقاء وزير السياحة بالبطل الأولمبي خليل الجندوبي

ichrak

قمرت: تعرض سائق تاكسي الى الطعن من قبل أحد مرتادي الملاهي الليلية

Ghada Trabelsi