5 وزراء في البرلمان أي دلالات لحوار النواب مع اعضاء الحكومة؟ - avant-premiere

5 وزراء في البرلمان أي دلالات لحوار النواب مع اعضاء الحكومة؟

يشرع مجلس نواب الشعب خلال الاسبوع الجاري في عقد جلسات عامة تخصص لاجراء حوار مع عدد من اعضاء الحكومة، في خطوة يراها البعض تعبر عن ممارسة دور رقابي على السلطة التنفيذية فيما يراه البعض الأخر وجه من وجوه الدعاية لعمل السلطة التنفيذية.

و بحسب البلاغ الصادر عن مكتب مجلس نواب الشعب، سيكون للبرلمان عدد من جلسات الحوار مع عدد من وزراء حكومة نجلاء بودن، و تتضمن هذه الروزنامة حوار مع وزيرة التجهيز و الاسكان سارة الزعفراني الزنزري اجري امس، في انتظار جلسة للحوار مع وزير الشباب و الرياضة كمال دقيش يوم الاثنين 24  جويلية الجاري، تليها جلسة حوار مع وزير الداخلية كمال الفقي يوم الاربعاء 26 جويلية  ثم جلسة حوار مع وزير الفلاحة و الموارد المائية و الصيد البحري يوم الخميس 27 جويلية ليكون ختام هذه الجلسات الحوارية يوم الجمعة 28 جويلية الجاري مع وزيرة التجارة و تنمية الصادرات كلثوم بن رجب.

و جلسات الحوار مع الحكومة كانت محل جدل واسع في السنوات الماضية، سواء إن تعلق الأمر بامتناع عدد من الوزراء على المجيء بتعلات مختلفة، أو برغبة بعض النواب في تصفية حسابات سياسية من خلال “استجلاب” وزير إلى البرلمان قصد هرسلته.

و من أكثر الممارسات سلبية في البرلمانات السابقة هو مجيء الوزراء إلى البرلمان في اطار الجلسات الحوارية بعد مرور زمن كبير على مجمل الاحداث و المحاور التي كان النواب ينوون التحدث فيها معهم، ما يجعل تلك الجلسات اشبه بالفلكور الذي تمعن فيه قوى المعارضة في هرسلة ذلك المسؤول، فيما تمعن قوى الموالاة بدورها في الثناء و ايجاد الاعذار، و تخرج بذلك جلسات الحوار مع الحكومة على الفلسفة العامة لاقرارها.

و الفلسفة العامة لجلسات الحوار مع الحكومة من قبل نواب الشعب، هي للاطلاع على مدى تقدم تنفيذ السياسات العامة، و تلقي الاجابات الشافية بخصوص استفسارات المواطنين و تطلعاتهم و انتظاراتهم و شواغلهم في جهاتهم، ويمكن ان تتضمن هذه الجلسات على المستوى النظري لفت نظر لملفات و مواضيع من الممكن ان تكون الحكومة ليس لها بها علم، و علمها بخصوص ذلك منقوص، فتكون على هذه الشاكلة جلسات الحوار مع الحكومة آلية من اليات الحكم الديمقراطي السليم الذي تتجسد فيه حاجة قيم الشفافية و الوضوح.

بادرة ايجابية

ان استدعاء مجلس نواب الشعب إلى عدد من الوزراء الذين يمثلون قطاعات مهمة في البلاد إلى جلسات حوارية، وسرعة التفاعل الايجابي لهؤلاء الوزراء مع الدعوة يعد أمرا جدّ ايجابي في عدة مستويات، منها في ما يتعلق بعلاقة الوظيفتين التشريعية و التنفيذية التي تبدو أنها تقوم على تكامل و ليس على صراع.

ومن ناحية ثانية، يمكن لهذه الجلسات أن تفند البعض مما راج بخصوص عدم وجود اي صلاحيات لهذا البرلمان، حيث تؤكد هذه الجلسات أن مجلس نواب الشعب يمارس دورا رقابيا على عمل الحكومة على الرغم من أنه ليس هو من يختارها و ليس من اليسير عليه سحب الثقة منها وفق نص دستور 2022.

و في ظلّ سياسة “تجاهل الاعلام ” التي تتبعها السلطة التنفيذية و التي هي محكومة بفلسفة المرسوم 1147 و فلسلفة الدستور الجديد فإن مثل هذه الجلسات توفر مناسبة جيدة للاستماع إلى مسؤولي السلطة التنفيذية في تفسير عدد من الاحداث و تحليل الظواهر و تقديم الحلول و غيرها، سيما أن جلسات الحوار في البرلمان تتيح فرصة جيدة للحوار في العديد من المجالات.

محاذير

ومن الايجابي ايضا ان ترسخ مثل هذه الجلسات سنّة حميدة في التعامل بين الوظيفتين التشريعية و التنفيذية حيث أنها تؤسس بذلك الى العمل المشترك المطلوب بين مختلف أجهزة الدولة و الذي كان من مفقودا في السنوات الماضية، بل من اكثر علل الهندسة الدستورية و القانونية في السنوات التي تلت الثورة.

و إن كانت الجلسات الحوارية مع الحكومة تحمل الكثير من الايجابيات في علاقة بترسيخ الممارسة الديمقراطية و اطلاع المواطنين على كيفية ادارة الملفات المتصلة به، فإنه من غير المأمول أن تتحوّل هذه الجلسات الى فرصة للدعاية لعمل الوزراء و التنويه بادائهم خارج الفلسفة العامة لهذه الآلية، سيما أن النظرة العامة لمجلس نواب الشعب تحيل الى عدم وجود جسم معارض داخلها، ذلك أن النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب يقر بوجود المعارضة البرلمانية من دون وجود اي فصل يعرفها أو يحددّ موقعها و دورها.

كما أن الفهم الواقعي للهندسة الدستورية يشير إلى أن هذا البرلمان هو تابع بالضرورة للفلسلفة التي وضع حدودها من يقود مسار 25 جويلية و بالتالي لا يمكن له الخروج عن تلك الفلسفة و ادعاء مساءلة حكومة هو في النهاية لم يخترها وليست له اي صلاحية لكي يضع سياساتها العامة، و بالتالي فإن تحويل فكرة الحوار مع الحكومة إلى مساءلتها هو معطى غير واقعي من شأنه ان يجعل البرلمان الحالي يواجه مصيرا مشابها للبرلمان السابق.

 

Related posts

وزيرة العدل ليلى جفال تلتقي السفير الألماني بتونس

Ra Mzi

قيس سعيد على رأس قائمة نوايا التصويت للرئاسية

root

الرئيس قيس سعيد يطالب باتخاذ كل الاجراءات تحسبا لأي هجمة سيبيرنية لضرب مؤسسات الدولة

root