"آخر البحر".. عندما يجعل الفاضل الجعايبي من الموت والمأساة رسالة لمواصلة الصمود والمقاومة - avant-premiere

“آخر البحر”.. عندما يجعل الفاضل الجعايبي من الموت والمأساة رسالة لمواصلة الصمود والمقاومة

ضمن سلسلة عروض تواصلت أيام 5 و6 و7  جانفي 2024،  احتضن ركح  قاعة الفن الرابع بالعاصمة  المسرحية  الجديدة “آخر البحر” للمخرج  فاضل الجعايبي  وإنتاج  المسرح الوطني التونسي  بالشراكة مع مركز الفنون جربة.

إلى القرن الخامس قبل المسيح، يعود المخرج فاضل الجعايبي ليبحث  في الأسطورة عن حكاية  تتقاطع مع الزمن الحاضر، مع  الآن وهنا. فيعثر في أسطورة “ميديا” – قاتلة ابنيها –  على ضالته المنشودة  لكنّه لا يكتفي بـ”مسرحة” الأسطورة  بل يعيد كتابتها ويخترع لها بدايات جديدة ومسارات أخرى ونهاية مغايرة.

في “آخر البحر” لا تغادر “ميديا” كما الأسطورة “الأرض نحو السماء على عربة الشمس تجرها الأفاعي المجنحات فرارا من عدالة البشر”، بل تختار المواجهة  والمثول  أمام مؤسسات العدالة. من سيحاكم “ميديا” عن كلّ جرائمها…و من يحاكم من؟  كان هذا السؤال هو العقدة  التي انبنت عليها كل الحبكة الدرامية للمسرحية في توليد لأسئلة تبدو أهم من الأجوبة !

هي قصة سيّدة  تنحدر أصولها من اليمن  اسمها “عاتقة” تحرّكها النقمة تجاه المجتمع الذكوري في بلدها  الذي مزقته الحروب الأهلية وطمست تاريخه العريق، فتهرب من “صنعاء” مع حبيبها التونسي بعد أن قرأت كثيرا عن تونس الحرية والانفتاح وحقوق المرأة… لكنها تصطدم بواقع مرّ وقاس وخيانة زوجية تدفعها إلى ارتكاب سلسلة من الجرائم تصل بها إلى حدّ قتل طفليها والإلقاء بهما في يمّ البحر علّه يكون بهما أرحم من البشر!

عند المحاكمة، هل ينجح القانون والطب النفسي في الوصول إلى تفسير عادل ومنطقي لأسباب ارتكاب “عاتقة” هذه الجرائم؟ أم أنّ العدالة والمحاماة وعلم النفس والمجتمع سيصيبهم الاهتزاز والارتباك بدورهم أمام شراسة وقوة “عاتقة” في رج المسلمات والأحكام الجاهزة؟

اعتمد  المخرج فاضل  الجعايبي على “خماسي” من  الممثلين  لتوزيع  أدوار البطولة  في “آخر البحر”، فأبدعت  صالحة نصراوي في دور الأم “عاتقة” وأقنع محمد شعبان في دور الزوج  وتميّز حمادي البجاوي وريم عياد وسهام عقيل.

في اشتغال مكثف وطريف على رمزية البحر التي تتخذ أكثر من بعد ما بين طهر وتطهير وانعكاس لانفعالات الشخصيات ورصد لنبض التراجيديا في المسرحية، نطقت “آخر البحر” بلسان الإنسان الذي تحرّكه الغريزة  الحيوانية رغم تشدقه بالعقل وبالحكمة وبالإنسانية.

على امتداد ثلاث ساعات، نجحت مسرحية “آخر البحر” في حبس الأنفاس وتحريض الجمهور على التأمل والتفكير ومحاكمة الوحش الكامن في الإنسان على مر الزمان !

Related posts

احتفالية اليوم العالمي للرقص

ريم حمزة

المغنية الأمريكية هالزي: تلقيت تهديدات عنيفة بسبب دعمي لفلـ.سطيـ.ن

وفاة المخرج التلفزي عبد الجبار البحوري

Ra Mzi