“سماء بلا أرض” يفتتح قسم “نظرة ما” في كان: السينما التونسية تحلّق عالميًا

تستعد السينما التونسية لتحقيق إنجاز غير مسبوق يوم 14 ماي 2025، مع العرض العالمي الأول للفيلم الروائي “سماء بلا أرض” للمخرجة أريج السحيري، وذلك ضمن افتتاح قسم “نظرة ما” (Un Certain Regard) في مهرجان كان السينمائي، أحد أبرز التظاهرات السينمائية في العالم.

 

ويمثل هذا الحدث لحظة فارقة في تاريخ السينما التونسية، إذ يُعد الفيلم أول إنتاج تونسي يفتتح هذا القسم المرموق، في دلالة واضحة على الحضور المتزايد لصوت تونسي إنساني وجريء في المشهد العالمي.

 

ثلاث نساء، طفلة، وواقع يفيض بالألم

الفيلم، وهو الثاني في مسيرة السحيري بعد “تحت الشجرة”، يستند إلى أحداث واقعية شهدتها تونس مؤخرًا، حيث تصاعدت موجات العنف والتمييز ضد مهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء. تروي السحيري حكاية ثلاث نساء مهاجرات يعشن في تونس، تتغير حياتهن مع وصول طفلة يتيمة تخلخل توازن علاقتهن، وتكشف عن هشاشة وجودهن وسط عنف يومي وصراع دائم من أجل الكرامة.

 

وقالت المخرجة: “بالطبع، أشعر بالفخر لكوني جزءاً من هذا الحدث العالمي، خصوصاً وأنها المرة الأولى التي يُعرض فيها فيلم تونسي ضمن افتتاح مسابقة Un Certain Regard، وهذا شرف كبير لي وللفريق.”

 

فيلم إنساني… ورؤية سياسية واعية

الفيلم من تأليف مشترك بين أريج السحيري، آنا سينيك، ومليكة سيسيل لوات، ومن إنتاج السحيري وديدار دومهري، ويضم في بطولته النجمات آيسا مايغا، ليتيسيا كي، ديبورا ناني، والممثل التونسي محمد جرايا. أما إدارة التصوير فقد تولتها فريدا مرزوق، التي سبق لها العمل مع عبد اللطيف كشيش، وساهمت في أعمال عالمية من بينها سلسلة John Wick.

 

ورغم الطابع الواقعي القوي للفيلم، فإن السحيري تؤكد أن الفيلم لا يكتفي بسرد الوقائع، بل يحمل رؤية سياسية وشعرية في آن. تقول: “كما قال غودار: طريقة وضع الكاميرا هي فعل سياسي. وأنا أضيف أن اختيار من تصوره، وكيف، ومتى، وأين… كلها قرارات سياسية. ليست القصة وحدها ما يجعل الفيلم سياسياً، بل طريقة روايتها.”

 

الواقع والتأمل… بين الألم والخيال

“سماء بلا أرض” لا يكتفي بتوثيق معاناة المهمّشين، بل يمنحهم صوتاً وشكلاً بصرياً جميلاً، حيث تمتزج الواقعية الاجتماعية بالتأمل السينمائي. تقول السحيري: “أميل إلى الأعمال التي تنطلق من الواقع، لأنها تمنحنا فرصة لفهم العالم. لكن الخيال ضروري أيضاً، فهو ما يمنح القصص بُعداً شعرياً لا يمكن الاستغناء عنه.”

 

في 14 ماي، سيكون الجمهور العالمي على موعد مع تجربة سينمائية تونسية نابضة بالحياة والصدق، تضع الإنسانية في صلب السرد، وتؤكّد أن للسينما صوتًا قادرًا على التغيير… حتى من دون أرض.

 

Related posts

فهد القايل: دورة دوز فرصة للتواصل بين الشعوب المهتمة بالإبل

Halima Souissi

خروج ليلى علوي و” كرارة” و عمرو سعد و”الرداد” في مرحلة التقييم الأولى لجوائز النقاد للدراما العربية الـ ADCA

root

شهر التراث 2025 تحت شعار “التراث والفنّ: ذاكرة الحضارة”