بعد نحو أربعة عقود من عرضه الأول عام 1986، يعود فيلم “ريح السد” للمخرج التونسي النوري بوزيد إلى الواجهة من جديد، في نسخة مرمّمة ستُعرض لأول مرة ضمن فعاليات الدورة الـ39 لمهرجان “السينما المُستعادة” (Il Cinema Ritrovato)، الذي تحتضنه مدينة بولونيا الإيطالية من 21 إلى 29 جوان الجاري. ومن المقرر أن يُعرض الفيلم يوم 22 جوان، في قسم “سينما ليبيرو” (Cinemalibero) المخصص للأعمال القادمة من خارج أنظمة الإنتاج السينمائي السائدة، والتي غالبًا ما همّشت رغم قيمتها الفنية والإنسانية.
يُقدّم هذا القسم مجموعة من الأفلام من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، تعالج قضايا مرتبطة بالهوية والذاكرة والعنف، في طرح يجمع بين البُعد الفردي والجماعي.
منذ ظهوره، شكّل “ريح السد” صدمة جمالية وسردية في السينما التونسية والعربية، بفضل جرأته في تناول موضوع الاغتصاب في الطفولة، وتداعياته النفسية والاجتماعية على الفرد. وقد عُرض الفيلم لأول مرة عالميًا في مهرجان كان السينمائي عام 1986، ثم تُوّج لاحقًا بجائزة التانيت الذهبي لأفضل فيلم روائي طويل في أيام قرطاج السينمائية في العام نفسه، اعترافًا بقيمته الفنية والمضمونية.
يحكي الفيلم قصة هاشمي، نجّار شاب من مدينة صفاقس، يجد نفسه مضطرًا للزواج تلبية لرغبة عائلته، غير أن جراح الماضي تمنعه من الاستقرار النفسي، إذ كان قد تعرّض رفقة صديقه في الطفولة إلى الاغتصاب من قبل صاحب الورشة التي كانا يعملان بها. ومن خلال ذاكرة هاشمي المتقطعة، يعرض الفيلم تداعيات الصمت المجتمعي حول العنف الجنسي، ضمن بنية سردية تمزج بين الواقعية القاسية والتحليل النفسي.
يشارك في بطولة الفيلم عدد من أبرز الممثلين التونسيين، من بينهم مصطفى العدواني، عماد معلال، خالد الكسوري، الحبيب بلهادي، يعقوب بشيري، ومنى نور الدين.
ويمثّل عرض “ريح السد” في هذا المهرجان العالمي لحظة فنية رمزية، حيث تُقدّم نسخته المرمّمة إلى جانب أكثر من 500 فيلم من مختلف أنحاء العالم، معظمها في نسخ مرمّمة، وتُعرض في قاعات تاريخية وساحات مفتوحة لجمهور دولي في قلب مدينة بولونيا، بحضور مئات النقّاد والمخرجين وصنّاع السينما.
ويُعتبر مهرجان السينما المستعادة أحد أبرز التظاهرات السينمائية العالمية المتخصصة في إعادة إحياء التراث السينمائي، من خلال عرض أفلام كلاسيكية نادرة في أبهى حلّة.