في بادرة هي الأولى من نوعها، عقدت اليوم الثلاثاء 10 جوان الحالي، ندوة صحفية مشتركة للإعلان عن تفاصيل دورتين منتظرتين من أبرز المهرجانات التونسية: مهرجان الجم الدولي للموسيقى السمفونية “ليالي الجم” في دورته الثامنة والثلاثين، ومهرجان دقة الدولي في دورته التاسعة والأربعين. حدث يرسّخ مكانة تونس كوجهة ثقافية بامتياز، خاصة وأن المهرجانين يُقامان في فضاءات أثرية عريقة مصنّفة ضمن التراث العالمي لليونسكو: المسرح الروماني بالجم ومسرح دقة الأثري.
“ليالي الجم”: السمفونيات العالمية تلامس عراقة التاريخ
من 12 جويلية إلى 16 أوت 2025، سيكون المسرح الروماني بالجم قبلة لعشاق الموسيقى السمفونية مع الدورة 38 من “ليالي الجم”.
السيد مبروك العيوني، مدير المهرجان، أكد أن البرمجة تجمع بين عروض تونسية أصيلة وإنتاجات عالمية رفيعة المستوى، في إطار يعزز دور الدبلوماسية الثقافية لبلادنا.
تنطلق فعاليات المهرجان بعرض افتتاحي رفيع المستوى تقدمه أوركسترا حجرة فلورنسا الإيطالية، بمشاركة 32 عازفًا. أما سهرة الاختتام، فستحتفي بعراقة العلاقات الدبلوماسية بين تونس والنمسا التي تعود لـ 300 سنة، حيث سيُقدم عازف الكمان العالمي يوري روفيتش عرضًا فريدًا بمشاركة الأوركسترا السمفوني التونسي.
برنامج “ليالي الجم” يضم 11 عرضًا متنوعًا من تونس، الجزائر، إيطاليا، إسبانيا، بلجيكا، كندا، والنمسا. من أبرز السهرات التونسية: عرض “24 عطرا” لمحمد علي كمون رفقة الأوركسترا السمفونية بمقرين يوم 17 جويلية، ثم “سهرة قائدي الأوركسترا” بمشاركة قادة من تونس والمغرب وإسبانيا يوم 19 جويلية. كما سيُقدم الفنان حسان الدوس رفقة أوركسترا المنار بقيادة سلمى المسعودي عرضًا أوبراليًا يوم 6 أوت، وتُختتم السهرات التونسية في 12 أوت مع الأوركسترا السمفونية بقرطاج بقيادة حافظ مقني.
وعلى الصعيد العالمي، تشارك أوركسترا الحجرة بمدريد للمرة الخامسة على التوالي يوم 26 جويلية 2025، بعرض موسيقي راقص يستلهم من الموروث الإسباني. كما تُقدم أوركسترا الحجرة الملكية بوالونيا البلجيكية عرضًا موسيقيًا فرجويًا بعنوان “لنرقص” يوم 24 جويلية. أما الجمهور التونسي، فسيكون على موعد مع أوركسترا أوبرا بال بفيينا ليلة 2 أوت، في عرض أصبح من تقاليد المهرجان لما يحظى به من إقبال جماهيري كبير في إطلالتها السابعة والعشرين على ركح الجم. وتُحيي الأوركسترا السمفونية لأوبرا الجزائر بقيادة لطفي سعيدي سهرة يوم 9 أوت.
مهرجان دقة الدولي: بوابة تونس نحو فنون عالمية ومواهب جديدة
أما مدينة دقة الأثرية، فتستعد لدورتها التاسعة والأربعين من مهرجان دقة الدولي، من 28 جوان إلى 8 جويلية 2025. وقد أكد كل من مختار بالعاتق، مدير الدورة، ومحمد بن سعيد، المنتج المنفذ للمهرجان، أن رؤية المهرجان تتجه نحو تحويله إلى منصة فنية رائدة للتعريف بالمواهب الجديدة من تونس والعالم.
من أبرز ملامح البرمجة، العرض الأول المرتقب لـ “رقوج” للأخوين عبد الحميد وحمزة بوشناق، وهو عمل فني مستوحى من المسلسل الرمضاني الشهير الذي شدّ الجمهور التونسي. وقد أوضح حمزة بوشناق أن العرض سيكون مزيجًا فرجويًا يجمع بين الموسيقى، الرقص، والمسرح، بمشاركة 26 ممثلًا من أبطال المسلسل، ليُعيدوا تقديم أجمل اللحظات وأكثرها تميزًا.
وفي إطار لفتة تاريخية مهمة، أُعلن خلال الندوة الصحفية عن البدء في عمل توثيقي للنبش في “التاريخ الأصلي لبعث مهرجان دقة” خلال فترة الاستعمار. يُرجّح القائمون على المهرجان أنه تأسس سنة 1920، بناءً على مرويات شفوية ووثائق قديمة يحفظها أهالي دقة (كتذاكر حفلات وصور). الباحثة أمينة الوسلاتي ستتولى هذا العمل، ومن المنتظر تقديم مخرجاته خلال الدورة القادمة.
يضم برنامج الدورة 49 من مهرجان دقة 8 سهرات فنية متنوعة. تنطلق الفعاليات يوم 28 جوان مع المطربة التونسية الشابة آية دغنوج وعرض “في حضرة الطرب التونسي”، وتُختتم بعرض “رقوج”.
وسيكون لجمهور دقة موعد، خلال هذه الدورة، مع أنماط موسيقية مختلفة تراوح بين الطرب، الموسيقى السمفونية، الراب، و”الفالس”. ففي سهرته الثالثة يوم الاثنين 30 جوان، يحتفي المهرجان بذكرى خمسينية رحيل “كوكب الشرق” أم كلثوم من خلال عرض “كلثوميات” الذي تقدمه الفنانة اللبنانية سيندي لاتي برفقة الأوركسترا بقيادة محمد لسود.
وتسبق سهرة أم كلثوم عرض شبابي مصري يُقام مساء الأحد 29 جويلية، يقدمه الفنان “Tul8te”، المعروف بأدائه الغامض والمبتكر على المسرح. أما عشاق الراب، فسيسهرون ليلة الثلاثاء 1 جويلية مع مغني الراب “جنجون” الذي سيُحيي حفله لأول مرة بمشاركة أوركسترا سمفونية. وفي سهرة الأربعاء 2 جويلية، تُحيي الفنانة التونسية القديرة آمال المثلوثي حفلاً مميزًا بعد غياب ثماني سنوات عن الساحة التونسية.
وتُقام أولى السهرات الفنية الدولية في دقة مساء الجمعة 4 جويلية، مع عرضين شيقين: الأول لأوركسترا “أفرو أرابيك ڤالسير” من النمسا، والثاني للفنانة البريطانية ليلي ليونز. وتُحيي سهرة السبت 5 جويلية فرقة “نوربي وأوركسترا الفيلهارموني” من برشلونة (إسبانيا)، ليُختتم بذلك المهرجان بمزيج فريد من الفنون المحلية والعالمية في أحضان تاريخنا العريق.