أحيا الفنان زياد غرسة، مساء الأحد 27 جويلية 2025، واحدة من أرقى سهرات الفن التونسي الأصيل، في افتتاح الدورة 43 لمهرجان بوقرنين الدولي.
وقدّم زياد غرسة، بمشاركة نجله الذي شاركه العزف على آلة العود، باقة من أجمل ألحان المالوف والموشحات التونسية، إضافة إلى مقطوعة “استخبار” للأستاذ شكري بهلول على العود التونسي. وتُعدّ هذه الآلة إرثًا فنيًا ثمينًا، إذ أهداها الأب الروحي للمالوف التونسي خميس ترنان إلى والد زياد، الفنان الطاهر غرسة، وتمتاز باحتوائها على ثلاث أوتار، كما أشار زياد للجمهور خلال السهرة، في حديث يعكس عمق هذا الفن وتوارثه عبر الأجيال.
امتد العرض قرابة الساعتين، قدّم خلالهما زياد غرسة مختارات من إنتاجاته الخاصة وأغانيه المحبوبة، على غرار: “الكون إلى جمالكم مشتاقون”، “عشيري الأول”، “يا نهار البارح”، “المقياس”، و*”بحذا حبيبتي”*، وسط تفاعل كبير من جمهور بوقرنين ومحبي المالوف والمقامات التونسية، الذين عبّروا عن إعجابهم بالتصفيق الحار والزغاريد النسائية التي ملأت الأرجاء.
منذ اللحظات الأولى، بدا واضحًا أن الجمهور كان على موعد مع سهرة فنية استثنائية يحييها أحد أبرز رموز الفن التونسي الأصيل، ما يعكس مكانة زياد غرسة الرفيعة في قلوب التونسيين، ويُبرز تعطّشهم المستمر للفن الراقي والهوية الموسيقية الأصيلة.
الحفل، الذي أقيم أمام شبابيك مغلقة بسبب الإقبال الجماهيري الكبير، شكّل مناسبة للاحتفاء بالطرب التونسي في أبهى تجلياته. وقد أطرب حفيد خميس ترنان الحضور بمختارات من روائع أعلام الفن التونسي، إذ غنى: “البارح نحلم بالغنجة” لصادق ثريا، “يا منيرة”، “ملاك يا ملاك”، “يادار الحبايب” للهادي قلال، “اللي تعدّى وفات زعمة يرجع” للهادي الجويني، “كي جيتينا” لمحمد الجموسي، و*”روح من السوق عمار”* للهادي حبوبة، إلى جانب “ترهويجة”، ليخلق بصوته وحضوره أجواء احتفالية ساحرة منذ لحظة اعتلائه خشبة المسرح.
وفي الندوة الصحفية التي عقدت عقب العرض، عبّر زياد غرسة عن سعادته بلقاء جمهور بوقرنين، مشيرًا إلى أن هذه السهرة كانت مميزة بطعم خاص، كما أثنى على برمجة الدورة الحالية من المهرجان.
كما كشف عن مشروعه الجديد، المتمثل في تأسيس مدرسة لتعليم الموسيقى والمالوف التونسي بمنطقة العوينة، اختار لها اسم “أكاديمية زياد غرسة”، والتي ما تزال قيد الإنجاز، لتكون فضاءً يعزّز استمرارية هذا التراث الموسيقي الأصيل.