يحتفل مهرجان البحر الأبيض المتوسط بويبيله الذهبي، مع خمسين عامًا من الإبداع والفنون، مؤكّدًا مكانته كمنصة فريدة لتسليط الضوء على التنوع الثقافي والفني في تونس. يجمع المهرجان بين الموسيقى والمسرح والكوميديا والفنون الصوفية، ليقدّم تجربة شاملة تعكس ثراء المشهد الثقافي التونسي وقدرته على الدمج بين الترفيه والتأمل، وبين الشباب والخبرة الفنية.
شهدت السهرات الأولى من مهرجان البحر الأبيض المتوسط إقبالًا جماهيريًا واسعًا، حيث توافد عشاق الفنون والموسيقى والمسرح للاستمتاع بالبرمجة الغنية والمتنوعة. ولاقت العروض المسرحية في دار الثقافة الكرم الغربي حضورًا مميزًا، ما يعكس حماس الجمهور واهتمامه بالمشهد المسرحي التونسي المعاصر، ويؤكد نجاح البرمجة المسرحية الموازية في جذب مختلف الفئات العمرية وتقديم تجربة ثقافية متكاملة.
كما قدمت الفنانة البصرية والباحة ريم سعد في إطار فعاليات مهرجان البحر الأبيض المتوسط أحد أعمالها التشكيلية بعنوان «المقاومة المستمرة». العمل جاء في شكل نسخة مزدوجة لخارطة فلسطين، قدّمته ريم لجمهور المهرجان كتحسيس مباشر بالقضية الفلسطينية، مؤكدة من خلاله أن الفن يظل وسيلة فاعلة لمناصرة الحق وإبراز رمزيته في الذاكرة الجماعية.
ضمن هذه الخمسينية، برزت البرمجة المسرحية الموازية، التي نظمتها المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بتونس، وتهدف إلى تقديم عروض مسرحية متنوّعة تعكس المشهد المسرحي المعاصر وتستجيب لتطلعات الجمهور. تركز هذه البرمجة على تقديم تجارب مسرحية متكاملة تجمع بين النصوص المبتكرة، الأداء العالي المستوى، والتفاعل الحي مع الجمهور، مؤكدًة التزام المندوبية وإدارة المهرجان بدعم المسرح التونسي وتوفير فضاءات إبداعية للفنانين لاستكشاف حدود جديدة للفن المسرحي.
تؤكد هذه البرمجة مستوى العروض العالية الجودة، التي ترتقي بخطوات الإبداع التونسي نحو آفاق أوسع، بما يعكس قدرتها على خارطة الفعاليات الثقافية والفنية الإقليمية والدولية. في هذا السياق، يكتسب تحويل المهرجان إلى منصة دولية أهمية كبيرة، حيث يتيح هذا الانفتاح على التجارب الفنية العالمية تبادل الخبرات، والتعرف على رؤى وأساليب مختلفة، ويعزز التفاعل بين الفنانين والجماهير من مختلف الثقافات. إن الطابع الدولي لا يثري المهرجان فقط، بل يمنح الفنانين التونسيين فرصة عرض أعمالهم على جمهور أوسع، ويجعل تونس نقطة التقاء للثقافات المتوسطية، في رسالة واضحة عن الفن كجسر للتفاهم والحوار بين الشعوب.
التكوين المسرحي في فضاء مدار
جزء من فلسفة البرمجة يرتبط بالتكوين المسرحي الذي يقوده المخرج والفنان الفاضل الجعايبي في فضاء مدار. يهدف هذا التكوين إلى تطوير قدرات الممثلين الشباب، وربط الدراسة الأكاديمية بالممارسة العملية، لضمان وجود جيل جديد قادر على تقديم أعمال مسرحية متكاملة ومتجددة. تمثل هذه التجربة التكوينية حجر أساس في رؤية المهرجان لتعزيز المسرح الوطني وإعداد فنانين قادرين على مواجهة تحديات الإبداع المعاصر.
تجتمع هذه العروض لتقدم تجربة متكاملة تشمل المسرح الموسيقي، الكوميديا، العروض الشبابية، والفن الصوفي، ضمن رؤية واضحة تضع الإبداع والتجربة الثقافية في قلب اهتمامات الجمهور. وقد لاقت العروض المسرحية في دار الثقافة الكرم الغربي إقبالًا جماهيريًا واسعًا، ما يعكس نجاح البرمجة المسرحية الموازية في جذب الجمهور وتعزيز مكانة المسرح الوطني ضمن فعاليات المهرجان.