في ذكرى رحيله التاسعة: المنصف السويسي.. رائد المسرح التونسي الذي خلدته الخشبة

في مثل هذا اليوم من السادس من نوفمبر 2016، فقدت الساحة الثقافية التونسية والعربية واحداً من أبرز رجالاتها، المخرج والممثل المسرحي الكبير المنصف السويسي، الذي رحل عن عمر ناهز 72 عاماً بعد صراع مع المرض، تاركاً وراءه إرثاً فنياً خالداً سيظل منارة للأجيال القادمة.

 

ولد المنصف السويسي في الأول من جانفي عام 1944 بالعاصمة تونس، ونشأ على حب الخشبة وعشق الفن الرابع، ليصبح لاحقاً أحد أعمدته في تونس والعالم العربي. وقد تميزت مسيرته التي امتدت لأكثر من نصف قرن بغزارة الإنتاج وعمق التجربة، إذ أخرج ومثّل في أكثر من ستين عملاً مسرحياً تركت بصمتها في تاريخ المسرح التونسي الحديث.

 

كانت مدينة الكاف محطة الانطلاق في مشواره، حيث أسس فرقتها المسرحية وأسهم في ترسيخ تقاليد العرض الجاد والملتزم. ومن هناك انطلقت أعماله التي حملت توقيعه المميز وتناولت نصوصاً لكتاب مسرحيين عرب وغربيين، جمع فيها بين الأصالة والحداثة، وبين الفكر الجمالي والطرح الإنساني.

 

ولم يقتصر عطاؤه على تونس فقط، بل امتد إلى الخليج العربي في ثمانينيات القرن الماضي، حيث عمل مدرساً في المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت، وأسهم بفعالية في تطوير الحركة المسرحية هناك. من أبرز أعماله في الكويت مسرحيتا «باي باي لندن» (1981) و**«باي باي عرب» (1986)**، اللتان تعتبران من كلاسيكيات المسرح الخليجي الحديث.

 

كما أخرج السويسي مسرحية «النمرود» التي كتبها حاكم إمارة الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، وقدمت لأول مرة عام 2008، لتجوب بعد ذلك عواصم عربية وأوروبية، مؤكدةً على قدرة هذا المبدع على الجمع بين الرؤية الإخراجية المتقنة والبعد الفلسفي للنص.

 

من بين أبرز أعماله التي رسخت في ذاكرة الجمهور: «الحلاج»، «ديوان ثورة الزنج»، «مولاي السلطان الحفصي»، «عطشان يا صبايا»، «اللي يقال واللي ما يتقال»، «أربع ساعات في شاتيلا»، و**«مهاجر بريز بان»**، وغيرها من الأعمال التي كرست اسمه كأحد كبار المسرح في العالم العربي.

 

لم يكن المنصف السويسي مجرد فنان، بل كان مدرسة فكرية وجمالية متكاملة، ساهم في تأسيس المسرح الوطني التونسي وأيام قرطاج المسرحية، وظل طيلة حياته وفياً لرسالته الفنية والإنسانية.

 

رحل السويسي عن الدنيا، لكنه ترك وراءه مسرحاً ينبض بالحياة، وذاكرةً فنيةً لا تنطفئ، تؤكد أن الكبار لا يغيبون… بل يظلون أحياء على خشبة الخلود.

Related posts

هند صبري: سعيدة بفوز “بنات ألفة” بجائزة “السيزار” و منافسته على الأوسكار

أيام قرطاج السينمائية: الكشف عن تفاصيل الدورة الـ 35

قبل الأولى

أجندا المهرجانات الصيفية ليوم 15 أوت 2024