في افتتاح “نظرة ما”: المخرجة التونسية أريج السحيري تلمس مشاعر جمهور مهرجان كان بفيلم إنساني عن نساء منسيات

من قلب المسرح السينمائي العالمي في كان، افتتحت  المخرجة التونسية أريج السحيري مسابقة “نظرة ما”، بعرض أول لفيلمها الروائي الجديد “سماء بلا أرض”، لتأخذ الحضور في قاعة ديبوسي الشهيرة في رحلة مكثفة ومفعمة بالتفاصيل الدقيقة التي تكشف جوهر الإنسانية.

يروي الفيلم حكاية ثلاث نساء من أصول أفريقية يعشن في تونس، في بيت يكاد يسقط عليهن، لكنهن يتكئن على بعضهن بقوة الأمل، والمساندة، والرغبة في البقاء. حكاية بسيطة، لكنها مؤثرة، تُضاء ببطء، وتكشف هشاشة الإنسان وصلابته في آن.

 

حضر العرض الافتتاحي يوم 14 ماي فريق العمل بالكامل، من المخرجة والبطلات آيسا مايغا، ليتيسيا كي، ديبورا ناني، والممثل التونسي محمد جراية، إلى مديرة التصوير فريدة مرزوق والمنتجين المشاركين. وما إن انتهى العرض حتى تعالى التصفيق بحرارة لمدة 15 دقيقة متواصلة.

 

ووسط هذا التقدير الجماهيري، صعدت السحيري إلى المسرح بثبات وهدوء، وقد وضعت على فستانها “دبوسًا” صغيرًا يحمل العلم الفلسطيني، في إيماءة إنسانية واضحة، لكنها دون كلمات. في كلمتها القصيرة، عبّرت عن امتنانها العميق لفريقها، وللجمهور، وأضافت:

“آمل أن يُسهم كل فيلم، بطريقته الخاصة، في إنهاء تهميش وتجريد الآخرين من إنسانيتهم”.

 

لم يتأخر النقاد في تسجيل انطباعاتهم. فقد وصف آلان هانتر من “سكرين دايلي” الفيلم بأنه “احتفال مرير بالصمود، وأداء ديبورا ناني هو قلب نابض للتجربة”. كما أثنى على معالجة السحيري لقضايا النساء والهويات والهشاشة ضمن بنية متماسكة ومؤثرة.

 

أما فابيان ليميرسييه من “سينوروبا”، فكتب: “بكثير من الحنان والعمق، ترسم السحيري ملامح نساء منسيات في مجتمع يزداد قسوة، وتمنحهن الكاميرا حق الوجود والكرامة.”

 

من واقع مؤلم إلى شاشة عالمية

الفيلم مستلهم من أحداث حقيقية وقعت في تونس، حين تعرّض المهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لهجوم متزايد، سواء عبر وسائل الإعلام أو في الشوارع، وسط خطاب سياسي متوتر أشعل موجة من الكراهية، مما أدى إلى اعتقالات تعسفية وعمليات ترحيل قسرية. في هذا المناخ، تنسج السحيري حكايتها عن ماري، القسيسة الإيفوارية التي تحوّل بيتها إلى مأوى مؤقت لأم شابة وطالبة جامعية، قبل أن يصل اختبار التضامن ذروته بوصول طفلة يتيمة.

 

رؤية نسوية وإنسانية… بأدوات بصرية دقيقة

“سماء بلا أرض” هو ثاني أفلام أريج السحيري الروائية بعد نجاح “تحت الشجرة”. شاركت في كتابته مع آنا سينيك ومليكة سيسيل لوات، وأنتجته بالشراكة مع ديدار دومهري. صورت الفيلم فريدة مرزوق، المصورة التي اشتهرت  بأعمالها مع عبد اللطيف كشيش وأفلام “جون ويك”.

 

ويُعرض الفيلم في العالم العربي من خلال شركة MAD Distribution، التي تتولى توزيعه في المنطقة.

 

 

Related posts

يوم 24 مارس: “ليلة العود التونسي” بالنجمة الزهراء

قبل الأولى

مهرجان دريم سيتي: “Dream Projects” في قشلة العطارين

الدورة العاشرة لمهرجان إيلاف تُكرم الشاعر الراحل محمد الغزي