يعمل الشيخ حاتم الفرشيشي منذ سنوات طويلة على مشروع فني يضيف لمخزون التراث الصوفي والطرَقي في بلادنا، ويعمل على إنتاج أعمال جديد بشكل مستمر فضلا عن إعداد عروض تنهل من التراث الصوفي إلى جانب الأعمال الخاصة باعتماد توزيع موسيقي حديث.
في جل أعمال حاتم الفرشيشي اشتغال حثيث على الجانب الموسيقي، حيث يمزج الموسيقى الصوفية مع الموسيقى الغربية ويعتمد على آلات موسيقية تتنوع بين الآلات العربية والغربية في مزج متناغم وجذّاب.
في آخر أعماله قدم الفرشيشي تشكيلة من أجمل الأصوات في مجال الغناء الطرقي، أثث بها ومعها عرضه الجديد الذي اختار له عنوان “القوالة” وهو إنتاج خاص بجمعية مهرجان المنستير الدولي.
القوالة… حوار الأصوات
تتشكل فرقة السلامية على هيئة حلقة يتصدرها الشيخ ثما كبير المنشدين ثم المنشد ثم كبير القوّالين ثم القوّال، وأطلق القدامى تمسية القوّالة على كل من يقول كلاما جميلا سواء كان شعرا أو نثرا أو غناء، وهنا يبرز الدور المهم للقوّال.
في عرضه الجديد جمع الفرشيشي عددا من أهم المنشدين “القوالة” وهو المازري الحاج علي وحمدي الشلغمي وفاضل الدعمي ويسري بوسعيد ومحي الدين السطمبولي بإشراف موسيقي وتوزيع للفنان رواد رحومة ومشاركة عازف الإيقاع حمادي جلاد وفي إخراج ركحي لبديع القربي.
في عرض “القوالة” 11 لحنا بعضها مستوحى من الذاكرة الموسيقية التونسية مع تغيير في الإيقاعات فضلا عن عدد من النصوص التي أعاد صياغتها وتوضيبها خصيصا لهذا العمل.
أما على مستوى الجمل الموسيقية فقد اعتمد حاتم الفرشيشي على الطبوع التونسية مثل “رست الذيل” و”الرمل” و”محير سيكا” و”النوا” و”المزموم”، ومقام شرقي وحيد وهو الكردي.
في “القوالة” حوار وتنافس بين المنشدين، فكل منشد يسعى لإبراز قدراته الصوتية ومهارته في تقديم الألوان الصوفية على تنوّعها وتعدّدها.
تنافس جعل من العرض لوحة من الفسيفساء شكّلتها اللوحات الموسيقية والكلمات والأصوات، وقدمها حاتم الفرشيشي كما تعوّد في أغلب أعماله في إخراج مسرحي جميل يضيف كثيرا للعمل، مع اعتماد عنصرين في الكوريغرافيا رافقا كل لوحات العرض، سواء على الركح مباشرة أو عن طريق فن الظل الصيني.
عرض القوّالة الذي تواصل لساعتين تقريبا وجمع نخبة من أهم العازفين والمنشدين تفاعل معه جمهور قصر الرباط وترك أثرا طيبا فيهم.
حرارة العرض أنست الجمهور حرارة الطقس وجعلته يتخمّر مع كل الألحان والإيقاعات ويرقص ويشارك في الإنشاد.
عمل جديد للشيخ الفنان حاتم الفرشيشي يقدم إضافة هامة لمدونة الغناء الصوفي في تونس ويؤكد مرة أخرى أنه هذا الفنان يواصل الاشتغال على مشروعه الفني بكثير من الحب والتحدّي.
يُذكر أن الحفل شهد حضور نقيب الفنانين ماهر الهمامي الذي تحول خصيصا للمنستير من أجل تكريم الفنان حاتم الفرشيشي.