عميد المحامين ابراهيم بودربالة لـ24/24 : أقول لقيس سعيد ونجلاء بودن.. لا خاب من استشار

حاورته : ايناس المي

إثر الجدل القائم في تونس بخصوص محاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري توجهت 24/24 لعميد المحامين ابراهيم بودربالة لمعرفة موقف الهيئة الوطنية للمحامين من هذا الموضوع و غيره من المواضيع الاخرى كتقييمها للوضع العام بالبلاد بعد اجراءات 25 جويلية ٫علاقة الهيئة برئاسة الجمهورية و انتظاراتها من قيس سعيد و رايها في المشهد السياسي الحالي … كل هذا و أكثر تجدونه   في الحوار التالي مع عميد المحامين :

قراءتك للوضع العام للبلاد مؤخرا؟

عندما نتحدث عن الوضع العام في تونس نتحدث عن 3 مسارات المسار السياسي المسار الاقتصادي و المسار الاجتماعي بالنسبة للمسار السياسي فإننا نعيش منذ 25 جويلية ظروف استثنائية بعد تفعيل الفصل 80 نظرا للظروف السابقة التي مرت بها البلاد و ترتب عنها انعكاسات خطيرة أدى لاتخاذ هذا القرار

و من الناحية الاقتصادية عندما نلاحظ مؤشرات الميزانية التكميلية هناك تخوف من المستقبل و الي حد الآن ننتظر إفراجا في المستقبل و نعيش على الأمل الذي نريد ان يتجسم بصورة واضحة قريبا خاصة ان المقدرة الشرائية للتونسي تراجعت و نسبة البطالة زادت  … و من المؤشرات الايجابية الآن جلسة العمل بين اتحاد الشغل و رئيسة الحكومة نجلاء و بودن و تصريحات الأمين العام الأخيرة بعد اللقاء و نرجو ان يتم البناء عليها. الآن نحن في مرحلة انتظار عن ما ستسفر عنه الأحداث مستقبلا و نتمنى ان تحصل انفراجات في المسارات الثلاثة  لخروج البلاد من هذه الوضعية التي لا نبتغيها.

كيف ينظر عميد المحامين للمشهد السياسي في تونس اليوم و هل من مقترحات لتحسين الوضع ؟

كثرة الاحزاب في تونس لا يجدي نفعا ففي اقصى تقدير تونس يمكن ان تحتوى على 3 أو 4 احزاب .230 حزبا هي أكبر مصيبة فليس ايا كان له ان يخطب في الناس و يكون حزبا يجب ان تتوفر عدة شروط لتكوين حزب و يجب الكثير من الجهد و التضحية و اعيدها و اكررها من اسباب فشل المسار السياسي في تونس هو تعدد الاحزاب .فهناك احزاب وجدت كعناوين فقط في الرائد الرسمي دون مقرات دون برامج و هذا عبث سياسي لا عمل سياسي  .و ما ساعد على تشتيت العمل الحزبي هو المنظومة الانتخابية ولو  ذهبنا في نظام الدورتين لوقعت تحالفات و لتم تقريب وجهات النظر و لتم التوجه نحو التفكير في تعصير و تجديد العمل الحزبي و لما لا يقترب الفرقاء من بعضهم ليكونوا حزبا .

كيف تقييم اداء رئاستي الجمهورية و الحكومة و بما تنصح كليهما؟

رئيسة الحكومة نجلاء بودن جاءت في ظروف استثنائية  و الحالة الاقتصادية للبلاد صعبة ننتظر منها الكثير خاصة ان العديدين يثنون عليها و على جديتها و كفاءتها لكن السياسة عالم كبير اتمنى لها النجاح و ان تقدر على قيادة السفينة رغم العواصف التي تهب من كل حدب وصوب.

نصحيتي لكل من رئيس الجمهورية و رئيسة الحكومة ان يكونا حذرين في اتخاذ القرارات التي ستكون صائبة في خصوص المسارات الثلاث المسار السياسي المسار الاقتصادي و المسار الاجتماعي و هذا يحتاج الي تفكير عميق و دراية ولا خاب من استشار و يجب ان يعمل الجميع للصالح العام خاصة في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد.

كيف تقييم علاقة الهيئة الوطنية للمحامين برئيس الجمهورية و ماهي انتظاراتكم منه؟

علاقتنا مع رئيس الجمهورية ملئها الاحترام المتبادل  لاقيناه في 3 مناسبات لقاء قبل 25 جويلية و لقاءين بعده.  عرض الرئيس مجمل القرارات التي اتخذها و رؤيته المستقبلية و ساندناه في خصوص نيته مكافحة الفساد و طالبنا منه إيضاحات في خصوص ملف الحقوق و الحريات  و الضمانات  القانونية الممنوحة تبعا للدستور و التشريعات الدولية التي صادقت عليها تونس و اكد انه لن يتم التعدي على المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الدولة الحديثة في خصوص علاقتها بالمواطنين و ما يهمنا أن يقع الانفراج في المسارات الثلاثة “السياسية الاقتصادية و الاجتماعية. اما انتظاراتنا من قيس سعيد فكسائر المواطنين ان يعجل في تطبيق الاجراءات التي أعلن عنها و ان يقع اصلاح المنظومة الانتخابية و خاصة القانون الانتخابي الذي اعتبره من الاسباب الأساسية التي ادت بنا لهذا الوضع .  الحالة الاسثنائية لا بد ان تحدد بسقف زمني لأن في ذلك مصلحة لكل الأطراف بما في ذلك رئيس الدولة لأنها مسألة اكيدة جدا و اعتقد انه يفكر جديا في تحديد السقف الزمني.

توجه رئيس الجمهورية في خطابه بالكلام للقضاء دون المحاماة رغم تداخل الاختصاصات و تشابكها فكيف تفسرون ذلك؟

في توجه رئيس الجمهورية للقضاء فقط دون المحامين اعتقد انه من خلال رؤيته للقضاء كمصدر للاحكام . المحامون يدافعون ويناضلون عن حقوق حرفائهم و يراقبون للاحكام الصادرة و ينصحون حرفائهم و بالتالي عندما يتوجه قيس سعيد للقضاء فانه توجه للمؤسسة القضائية بكل مكوناتها من قضاة محامين عدول منفذين خبراء لكن سعيد نظر لنهاية هذا التسلسل وهو صدور الاحكام وصدور الاحكام يتحملها القضاة خاصة ان القضاء في السابق كان مقيد الاحكام تصدر من طرف الملك أو الباي و الآن اصبح مفوض والتفويض باسم الشعب .

وبحكم الدستور رئيس الجمهورية هو الضامن الأول لتطبيق القانون خصوصا ان التقارير التي بين يديه تعطيه الصورة الحقيقية للوضع و له من التقارير مالا نستطيع الاطلاع عليه في غالب الأحيان فله تبعاً لمسؤوليته كرئيس دولة ان يتوجه بخطاب للمواطنين  لبعث الطمأنينة في صفوفهم.

كيف تتطلعون لفكرة الحوار الوطني و هل تم مناقشة رئيس الجمهورية في هذا الخصوص؟

كمواطن و كعميد للمحامين اتمنى لرئيس الجمهورية النجاح و اتمنى ان يفي بوعوده لأن الشعب له انتظارات لا بد ان تتحقق و لا بد من تشريك كل الطاقات لاختيار الرؤية المستقبلية . عند لقاءنا به و في خصوص الحوار قال سعيد ان الحوار مقبول شريطة ان لا يشارك فيه الفاسدون و نحن معه في الفكرة ان لا يشارك المورطون و نتمنى في المقابل ان يضم الحوار عدة مواطنين و منظمات لها رصيد نضالي و قادرة على التغيير فهذا سيكون انفع للبلاد و العباد.

جدل كبير بعد محاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري في المقابل عدد من المحامون غاضبون مما اعتبروه موقفا غير حازم من الهيئة و انحياز لقرارات قيس سعيد ما تعليقكم؟

بينا موقفنا بأننا ضد محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية  وقلنا ان المحاكم العسكرية يجب أن تختص فقط بالجرائم التي يقترفها العسكريون فقط لكن هناك قانون يسند صلاحيات للمحاكم العسكرية هنا لا بد للمشرع ان يتدخل لتنقيح هذا القانون و أعجب أنا شخصيا انه في الفترة الفارطة لم يتم تنقيح هذا القانون و لو تم تنقيحه لما كنا امام هذا الوضع .  موقفنا واضح و أصدرنا بيانات في الغرض .المسالة اذا تعلقت بالمبادئ الأساسية التي تقوم عليها حقوق المواطنة موقفنا واضح اما في خصوص الصراعات و التجاذبات الحزبية  اخترنا أن نقف على الحياد و ان لا نقحم مهنة  المحاماة في هذه الصراعات اما في خصوص المبادئ العامة فمجلس الهيئة وعموم المحامين هم على نفس الموقف في دفاعهم على الحقوق و الحريات خاصة ما يتعلق بحرية التعبير و حرية التنظم و حرية الاجتماع مواقفنا واضحة .

كيف تقييم أداء المجلس الاعلى للقضاء و في ما يخص مشروع المجلس الاعلى للقضاء لما لم يقع تشريك المحامين مع معرفتنا بوجود تداخل صلب الاختصاصات؟

المجلس الأعلى للقضاء في ما يخص التركيبة الخاصة بالمحامين قلنا انه لابد من تنقيح القانون و ذلك باعتبار عميد المحامين و ربما رؤساء المجالس الجهوية في صورة تنقيح القانون الأساسي لمهنة المحاماة ان يكونوا أعضاء بصفتهم تلك في المجلس الأعلى للقضاء اما الآن فالزملاء المحامين الذين وقع انتخابهم بالمجلس الأعلى للقضاء يمثلون أنفسهم و لا رقابة عليهم من طرف المحامين بحيث يمثلون مجرد أفكار لا أكثر و لا اقل.أما  الطلبات الحقيقة التي يتعين على المحامين تقديمها باعتبار أن مهنة المحاماة شريكة في إقامة العدل سواء من ناحية الواقعية او كما اقر الدستور فان الطلبات الحقيقة يحب أن تصدر عن الأشخاص التي يشرفون على مهنة المحاماة خاصة و ان هؤلاء الأشخاص اي” المنتخبين في الهياكل” المحامين يحاسبونهم من خلال الجلسات العامة العادية و الجلسات العامة الخارقة للعادة و حتى العميد و بعض أعضاء الهيئة يقع محاسبتهم من الهيئة نفسها لذلك التمثيلية الصحيحة للمحامين في المجلس الأعلى للقضاء يجب ان تكون ممثلة في شخص عميدها و رؤساء مجالسها في صورة تنقيح القانون .

أما بالنسبة لأداء المجلس الأعلى للقضاء أقول أن الأداء لم يكن بالدرجة التي كنا نتمناها لكن في العموم هو مكسب هام و هام جدا إذا كان أداءه دون المنتظر يجب ايجاد الطرق المناسبة لتحسين أداءه. المجلس الأعلى للقضاء كان مع الأسف الشديد محل تجاذبات ومحل صراعات بين القضاة أنفسهم  فلا بد ان يتجاوز المجلس كل هذا لكي يؤدي رسالته على أحسن وجه .

ما الجديد بخصوص مشروع القانون الأساسي لمهنة المحاماة خاصة ان المرسوم المنظم للمهنة يشتكي من عدة ثغرات؟

القانون الأساسي لمهنة المحاماة للأسف الشديد لم يرى النور لأنه منذ العهدة التي انطلقت في جويلية 2019 تم تعيين 5 وزراء  عدل و 4 رؤساء حكومة و في كل مرة نحاول فتح حوار لإقناعهم بتنقيح القانون و تكوين لجان لذلك الا و يتغير رئيس الحكومة و الوزير و بحكم الوضع الدستوري الآن جمع رئيس الجمهورية بين يديه للسلطة التنفيذية و التشريعية ربما سيتم اللجوء له و تقديم مقترح في حقوق تنقيح القانون الأساسي لذلك المسالة أصبحت تكتسي خطوة كبرى خاصة بالنسبة لهيكلة “هيكلة المهنة ” ب17 فرع خاصة ان الفروع لها أهمية كبرى و هي تنظر في الإحالة على مجلس التأديب في مقاومة السمسرة و مقاومة كل في الظواهر  الانحرافية لمهنة المحاماة لذلك نعتقد أن هذا العدد صار كبير و كبير جدا فمن المفروض ان يكون في حدود 3 او اقصى تقدير 5 مجالس جهويية لتتوحد الرؤية بين هياكل المهنة .فتقديم مشروع قانون صار ضرورة لان المرسوم الذي صدر سنة 2011 اظهر في التطبيق مشاكل لا تحصى ولا تعد .

وهناك معضلة أخرى وهي صندوق الحيطة و التقاعد لمهنة المحاماة المهدد بالتوقف عن الدفع و مع جائحة كورونا ثم تعطيل مرفق العدالة عند إضراب القضاة سبب نقص في الدخل بالنسبة للصندوق ب9 مليارات .اما بالنسبة لهرم عمر المحامين كنت اعتقد ان الصندوق يمكن يعاني مشاكل جمة منذ سنة 2030 لكن نحتاج الآن للنظر في مسالة المباشرة الفعلية للمهنة و مراجعة شروط التقاعد و التباحث في تكاليف العلاج الباهضة جدا فجرايات التقاعد تقريبا تضاهي تكاليف العلاج مثلا سنة  2018  جرايات التقاعد بلغت 10 مليارات و مصاريف العلاج وصلتالى حوالي 8 مليارات.

ماهي اكبر رهانات قطاع المحاماة في تونس ؟

نحن مرتبطون أساسا بالمؤسسة القضائية و اشكالياتنا ذاتها تتعلق بالبنية التحتية للمحاكم وأيضا نقص في الإطار الإداري و القضائي واكتظاظ الجلسات فلا يمكن الحديث عن محاكمات عادلة بالمقاييس الدولية بمثل الوضعية التي عليها القضاء .فتحسن ظروف العمل داخل المحاكم من شانه ان يزيل عدة مشاكل لدى المحامين كما يجب استيعاب رسالة المحاماة و التفكير في تعميم وجوبية المحامي أمام كل المحاكم سواء المحاكم الإدارية العدلية او محكمة المحاسبات او الهيئات التعديلية او التحكيمية و هذه مسالة هامة فكما نجد الحق في الصحة و التنقل و غيرها يجب حماية هذا الحق للمواطنين.

ما موقف الهيئة من جمع المحامي بين مهنته كمحامي و نائب أو كمحامي و “كرونيكور”؟

القانون عام لا يوضح هذه النقاط  نحن نعتبر كل المحامين متساوون في الحقوق و الواجبات من الناحية المهنية . لكن ما يهمنا هو سلوك المحامي المهني  اذا كان لديه نشاط سياسي فليتحمل وزر نشاطه  و تبعاته و أن لا يزج بالمهنة في صراعات حزبية ضيقة لتحقيق أسباب سياسية محددة فالمهنة لديها قيم و مبادئ و أعراف ندافع عنها

في إحدى تصريحاتك الاخيرة تحدثت عن فساد و سمسرة ينخران جسدي المحاماة و القضاء ماذا فعلت الهيئة للتصدي لذلك؟

لدينا 17 فرع للتصدي للتجاوزات في صفوف المحامين .مجلس التأديب يلتئم مرة كل شهرين فمن ثبتت مخالفته لاصول المهنة يعاقب و قد تتراوح القرارات بين عدم المؤاخذة أو المحو من الجدول بصورة نهائية .و منذ بداية العهدة للان تم محو 6 حالات محو نهائي أما بالنسبة لعقوبة الايقاف عن العمل لمدة محددة أو التشطيب من الجدول لمدة لا تتجاوز 3 سنوات فبلغ عدد الحالات حوالي 30 حالة

Related posts

عز الدين سيعدان :”اذا تواصل الوضع ..سنصل إلى عجز غير مسبوق في تاريخ تونس قد يصل لـ 25 مليار دينار”

Halima Souissi

شكري الفيذة المدير التنفيذي لجمعية”تونس الغد”: نظرتنا مغلوطة عن  الشباب و دوره داخل مجتمعه  

root

لطفي فريضي: “نجلاء بودن ليست برئيسة حكومة بل هي منسقة أعمال و ساعي بريد بين القصبة و قصر قرطاج”

root