لنبيهة كراولي طابع خاص لا يشببها فيه أحد، ولها جمهور يقطع كل المسافات الممكنة لسماعها وهي تغني وتتحدث إليهم بين الأغنية والأخرى بلهجة “قفصيّة” ساحرة.
دون مقدمات دخلت نبيهة في صلب الموضوع وهي التي وجدت أياد تصفق وحناجر تهدر بمجرد صعودها الركح وطافت بين أغانيها التي يحفظها الناس عن ظهر قلب على غرار “كان قلبي طاوعني”، “اذا حبوك ارتاح”، “شفتك مرة متعدية”… وفي كل مرة تنهي فيها الأداء يحييها الناس بكلمة “برافو” بعد أن تفاعلوا معها غناء ورقصا وزغاريد.
راوحت الفنانة بين أغان تدفع الناس نحو الرقص ووبين أغان تتطلب الإنصات يكون نسقها اقل من أخرى مثل اغنية “الأيام والمكتوب الاثنين بيا غرّوا…”، لتسافر بهم نحو أنماط اخرى بالاغنية الشهيرة لجهة الساحل “يا مازري حل البيبان” على سبيل الذكر..
توقفت نبيهة كراولي عن الغناء لبعض دقائق بكت فيها تأثرا، تذكرت والدتها وأخوها اللذان رحلا منذ فترة ليست بالبعيدة، تقول نبيهة إن علاقتها بامها علاقة خاصة، تشعر بروحها معها ترافقها فوق الركح، وفي لحظة ما، انفلتت المشاعر ليصبح الدمع بديلا لصوتها الذي خانها في تلك اللحظات.
عادت نبيهة إلى الركح بأفضل مما كانت عليه لتواصل الحفل مع جمهور مختلف عن سائر المهرجانات، فيه أجيال متنوعة كأنها نقطة التقاء فني رغم الاختلاف في الأعمار خاصة، فذلك أمر يطمئننا على أن للأغنية التونسية جمهورا يحرسها ويتابعها.
ومثلما صرحت سابقا في إحدى الإذاعات، كانت الحفلة فعلا استثنائية في مكان استثنائي وهو ما أعادت قوله بعد الحفل: “المكان ساحر أثّر في، مكان جميل جدا يشهد على حضارة عريقة، سعيدة بتواجدي في مكان يراكم التاريخ والحضارات، خلت نفسي روحا تحلق في السماء أو طفلة بريئة…”
لنبيهة كراولي تاريخ يناهز الأربعين عاما من الغناء والتعريف بالموسيقى التونسية وقد حالفها الحظ في الغناء إلى جانب الفنان الكبير “الشيخ إمام” أغنية “الشحاتين” ورافقته في جولة موسيقية في تونس وسط الثمانينات، كما غنت “النوارة العاشقة” من كلمات علي اللواتي والحان انور براهم، تعاون جعلها تتدرج على سلم الشهرة والفرادة، فلا يوجد فنان يشبهها، طريقتها في الغناء والأداء عموما وحتى الحديث فاتنة بلهجة “قفصيّة” أصيلة.