“سيدة كركوان” تختتم الدورة الـ 29 من مهرجان خليفة السطنبولي للمسرح

بعد أسبوع من العروض والورشات واللقاءات التفاعلية والندوات، أسدل الستار عن الدورة التاسعة والعشرين من مهرجان خليفة السطنبولي للمسرح، دورة كانت استثنائية على كل الأصعدة بدءًا من الإعداد والبرمجة موصولا لاختتام راقٍ ومرورا بفعاليات شدّت الكبار والصغار رغم برودة الطقس وتزامنها مع الامتحانات.

وقبل عرض الاختتام، انتظمت “لمّة” جمعت كل المتدخلين في تنظيم المهرجان من مسؤولين وفنانين وإعلاميين وعشّاق المسرح، تمّ خلالها تبادل المشاعر الجميلة وتكريم كل الذين ساهموا في نجاح الدورة الجديدة.

سيدة كركوان

إثر ذلك كان الموعد مع عرض “سيدة كركوان”  للثنائي حسام الساحلي ووجدي قايدي في عرضها الأول في المنستير.

ويستلهم العرض قصة من الحضارة البونيقية في مدينة كركوان الأثرية، ويركز على المرأة التونسية عبر العصور وتحديات التاريخ، وهو مزيج بين الدراما والتاريخ والفن، استخدم اللغة البونيقية مع ترجمة فورية ودمج التقنيات الحديثة لإحياء ذاكرة المدينة العريقة.

تدور أحداثه في فترة الحرب البونيقية الأولى (256 ق.م.)، ويجسد شخصية “السيدة” المستوحاة من تابوت جنائزي قديم، ويربط بين التاريخ والأسطورة والحاضر، فيما استخدم القائمون على العمل مزيجاً من التمثيل، الكوريغرافيا، الموسيقى، الإضاءة الذكية، والعناصر الرقمية لإعادة بناء المدينة ومشاهدها الحيوية، معتمدا على مزج اللهجة التونسية واللغة الفينيقية المندثرة مع ترجمة فورية، مما خلق جسرًا بين الماضي والحاضر.

يُذكر أن الدورة التاسعة والعشرين انطلقت يوم 6 ديسمبر وتواصلت إلى غاية يوم 13 من نفس الشهر، بمشاركة 15 عرضا مسرحيا، منها ثمانية في البرمجة الرسمية وسبعة توزعت على المؤسسات الثقافية والتربوية والفضاءات المفتوحة في مختلف معتمديات ولاية المنستير.

عرض الافتتاح شهد عديد الفقرات من بينها بعرض “Mapping” للدكتورة منى حفيّظ حمل عنوان “Emanations Théâtrales” أمام المركب الثقافي، فيما تزيّن بهو المركب بمجموعة من الصور الفوتوغرافية التي توثّق للراحل وأعماله، إلى جانب مجموعة أخرى من الصور تُكرّم الراحل فاضل الجزيري، بالإضافة إلى ورشات حية لرسم لوحات للفنان الراحل بتقنيات مختلفة.

حفل الافتتاح شهد أيضا جلسة خاصة بفريق مسرحية “الهاربات” التي حصدت التانيت الذهبي في الدورة الأخيرة لأيام قرطاج المسرحية في تقديم للفنان محمد دغمان.

في دورته التاسعة والعشرين جمع المهرجان كل مسرحيي الجهة والمعتمين بالفن الرابع على عشق المسرح، فكانت دورة استثنائية توفّرت لها كل عوامل النجاح، وهو ما أكده تدفق أعداد كبيرة من الجماهير على كل العروض دون استثناء بما في ذلك عروض الـ OFF.

كما ساهمت الندوات واللقاءات التفاعلية والجلسات في نجاح الدورة نظرا لخصوصية المواضيع المطروحة والتي تلامس التطورات التي يشهدها عصرنا الحديث.

ولعل من أهم نقاط قوة مهرجان خليفة السطنبولي للمسرح هي جلسات النقاش بعد كل عرض والتي تتجاوز في بعض المرات توقيت العرض نفسه ويعيش خلالها صنّاع العمل والجمهور الذي يشمل المسرحيين والمولعين بالمسرح نقاشات طويلة وحادة أحيانا لكنها تبقى جادة وفي سياق تشريح العرض.

جورة أخرى تنتهي، لينطلق القائمون على المهرجان في إعداد الدورة القادمة والتي تحمل تحديّاتها معها، خاصة أن هذه التظاهرة المسرحية بلغت من العمر والتجربة ما يسمح لها أن تكون عربية ولمَ لا عالمية.

Related posts

“شلبي” في قاعات السينما التونسية

ريم حمزة

بسبب تضامنهما مع فلـ.سطيـ.ـن: طرد النجمتين العالميتين سوزان ساراندون و ميليسا باريرا من عملهما

افتتاح تظاهرة “بيبان لمدينة”

قبل الأولى

Leave a review